ماسين عاويد
قد یبدو أمر ربط الملح بالأمازيغ غیر ذي أهمیة تاریخیة و حضاریة کبیرة منذ الوهلةالأولی، لکن حین نکتشف أن هذه العلاقة (علاقة الأمازيغ بالملح) کانت و لا تزال الی الیوم وطیدة و حاسمة في تطور الحضارة الإنسانیة....
فعلی ضوء الإکتشافات الأرکیلوجیة (إيفري نعمار، مغارة هرقل، تمودا، جبل إيغود...) بدأ يتضح جلیا أن الإنسان العاقل (Homo-sapien sapien)
بعد مراحل من ممارسة القنص و القطف، بدأ يجنح نحو الإستقرار و ممارسة الزراعة و تدجین الماشیة... و تظهر أثار الإستقرار هذه في کل المواقع الأثریة المدکورة أعلاه (فوجود أواني خزفیة في هذه المواقع دلالة علمیة علی أن إنسان هذه المواقع کان إنسانا مستقرا ولیس رحالا: فصناعة الخزف تقتضي الإستقرار...)
و بمحرد إستقرار الإنسان بدأت أنظمته الغداٸية تختلف (عن الأنظمة الغداٸية للإنسان القناص القطاف) و بدأ الإنسان المستقر/sédentaire یعد طعامه و یطهوه عوض العیش علی اللحم و الفوکه... و هکذا بدأ في البحث عن طرق لإعطاء الطعام نکهة و طعم أفضل: فبدأ في إضافة أعشاب و بذور و أوراق الأشجار الی طعامه. في خضم هذه العملیة إکتشف أن إضافة الملح للطعام یعطیه طعما خاصا. و هکذا بدأ الإنسان المستقر/sédentaire في شمال افریقیا یستعمل الملح في الطعام علی الأقل منذ 7000 سنة قبل المیلاد
لم تکن المفاجٸة الوحیدة من استعمال الملح في الطعام هي تحسن ذوقه و طعمه، بل مع مرور السنین بدأ إنسان إيغود یکتشف أن عضمه یقوی و أن معدل حیاته یکبر: إستعمال الملح في الطعام کان أکبر ثورة في حیاة البشریة مباشرة بعد اکتشاف النار، فقد سار الإنسان یعیش أطول و یتمتع بصلابة في العضام أکثر... کان معدل الحیاة قبل استعمال الملح في الطعام لا یتجاوز 30 سنة و مباشرة بعد استعماله الملح بدأ یعیش ما فوق 45 سنة....
و کان الفضل في هذا الإکتشاف لأجدادنا الأمازيغ...
و مباشرة بعد اکتشافهم هذا بدأوا في التجارة بالملح و بالطعام المملح مع باقي أرجاء المعمور (أنظر کتاب هیرودوت عن قوافل الملح اللیبیة مع افریقیا جنوب الصحراء و الیونان... ) هرودوت مٶرخ یوناني عاش في القرن الرابع قبل المیلاد
و قد عرف أجدادنا الأمازيغ بصناعة التونة المملحة و بصالصة/sauce رفیعة تسمی graume یتم تصدیرها الی الیونان و روما علی الأقل منذ 1500 سنة قبل المیلاد...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق