بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 16 فبراير 2021

رؤساء أحزاب من سوس: أليس فيكم رجل عاقل؟

مركزتيفاوت الإعلامي
بقلم :بوشطارت
امام ما تشهده مناطق سوس والجنوب من تمدد وتفشي ظاهرة الرعي الجائر وزحف آلاف القطعان من الابل والاغنام على ممتلكات الناس وحقولهم وأشجار الارگان. نلاحظ أن زعماء أحزاب كبيرة التي تتزعم المشهد السياسي في الحكومة والأغلبية ينحدرون كلهم من المناطق التي تتعرض لهجومات الرحل بشكل مستفز، هؤلاء الرؤساء يلاحظون ما يجري في صمت مطبق، لا هم تحركوا بصفة مسؤولة حسب ما يمنحه لهم الدستور والقوانين، خاصة وزير الفلاحة أخنوش المسؤول عن قطاع الرعي، وكذلك العثماني، ولم يتحرك هؤلاء بصفتهم الحزبية، فقواعد هذه الاحزاب صامتة على ما يكابده الناس من ويلات وهجومات الرحل الجائرون، وأن فهم صمت منتسبي حزب الأحرار بحكم الحرج السياسي لان رئيسهم هو المسؤول هن فشل قانون الرعي، كما صمت الارخبيل الجمعوي والتعاوني الذي يتورط مع الوزارة في الدعم الفلاحي وأشياء أخرى، بالرغم من أن الجمعيات والتعاونيات الفلاحية هي أكبر المتضررين من الرعي الجائر. هؤلاء الزعماء والرؤساء لم يتحركوا لا بصفتهم الحكومية كوزراء ولا بصفتهم السياسية الحزبية ولا بصفتهم أبناء المنطقة الأكثر تتضررا، لأنهم جميعا ينتمون إلى نفس المنطقة.
-سعد الدين العثماني، امين عام البيجدي ورئيس الحكومة من مدينة تافراوت، الأطلس الصغير. 
- عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار ووزير الفلاحة منذ 2007، من تافراوت، الأطلس الصغير.
- عبداللطيف وهبي، امين عام حزب الأصالة والمعاصرة، ثاني قوة سياسية يتزعم المعارضة، ينحدر من منطقة تاليوين، الأطلس الصغير،
-محمد ساجد، امين عام حزب الاتحاد الدستوري، وزير سابق، حزبه مشارك في الحكومة، ينحدر من منطقة إغرم، الاطلس الصغير.
إدريس لشكر، امين عام حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وزير سابق، ينحدر من تاغجيجت، هي الأخرى تعتبر امتداد الاطلس الصغير.
هؤلاء يتراسون أحزاب تتصدر المشهد السياسي المغربي، ويتنافسون على رئاسة الحكومة المقبلة، البيجدي والبام والاحرار، كلهم ينتمون إلى منطقة سلسلة جبال الاطلس الصغير، من جنوبها إلى شمالها. وهي المنطقة التي تتواجد فيها شجرة أرگان بقوة وكذلك فاكهة الصبار اكناري، وهي التي تعتمد بواديها على الفلاحة والزراعة البورية، وهي الأكثر تعرضا للهجرة القروية، وهي الأكثر تعرضا للعطش، والنقص في الماء... وهي التي يشن عليها الرعاة الرحل هجوما كاسحا بفضل التساقطات الأخيرة التي أعادت الحياة لهذا المجال المتميز بغطائه النباتي المتنوع والفريد الذي عانى طويلا من الجفاف.
لماذا هؤلاء كلهم ينتمون إلى جبال الاطلس الصغير، ويتولون مناصب حزبية وسياسية كبيرة؟
لأن هذه المنطقة لها خصوصيات كثيرة، منها ما هو تاريخي وما هو سياسي وما هو ثقافي، يطول فيها الشرح، وافردنا لها مقالات كثيرة سابقا، أهمها أن هذه المنطقة لها قوة وشوكة سياسية تتمثل في حلف سياسي قديم وكبير يسمى حلف تاكيزولت، هو الذي اعطى إمبراطورية المرابطون، سيدي وگاگ وعبدالله بن ياسين، وامبراطورية الموحدون، المهدي ابن تومرت من أرغن بجبل إگليز تارودانت، والسعديون بيعة تيدسي، ثم السملاليون من إليغ، وهم الذين تصارعوا معهم العلويون الذين يحكمون حاليا المغرب.
لذلك، باختصار شديد، فالمخزن له عادة الحكم مع حلف جزولة الاطلس الصغير وسوس بشكل عام، خاصة بعد الاستقلال، حيث دأب الحسن الثاني باشراك أسماء من جزولة كوزراء في الحكومات المتعاقبة. فهم حاليا يمثلون القوى التقليدية في الصراع السياسي المعاصر بالمغرب في علاقتهم مع المخزن.
التيار الديني الذي مثله سعدالدين العثماني، فهو يعطي شرعية دينية وسياسية للمخزن، 
تيار المالي، الذي مثله عزيز أخنوش، يقود تجمع لبرجوازية سوس لحماية مصالحهم ومصالح المخزن في سوس، 
التيار اليساري التقليدي، الذي يمثله عبداللطيف وهبي الذي يحاول المزج بين المعارضة والسلطة في جلباب واحد وهي السياسة الجديدة للمخزن، في صناعة المعارضة داخل البرلمان.
لكن ما علاقة كل هذا بسوس والرعي الجائر؟ العلاقة تكمن  في أن سوس وحلف تاگيزولت تحديدا يتم احتواءه داخل المخزن ليس من أجل حماية حقوق الناس والأرض والمجال، بل من أجل اضعافه واستغلال ترواثه وأراضيه وموارده. نلاحظ الآن كيف يتم استغلال المناجم ونزع الأراضي واستغلال الموارد في الجبال وتمليك السواحل والسيطرة على عقارات المدن والتحكم في رخص المقالع والاستحواذ على شركات استغلال أرگان... الخ.
دون أن ننسى ان الرعي الجائر ليس ظاهرة جديدة وإنما سياسة مخزنية قديمة، منذ أن سلط المخزن المريني في القرن الرابع عشر مجموعات من رعاة البدو على سوس ووادنون ودرا (درعة) لمعاقبتهم ونهب ثرواتهم، ولاتزال نفس العقلية مستمرة لدى البعض.. فالسؤال الذي يحير الجميع هو من يملك كل هذه القطعان الهائلة من الابل والاغنام، من له القدرة الاستثمارية في هكذا قطاع... هل هؤلاء الكسابة رعاة تقليديون أم مستثمرون؟ ومن أين حصلوا على هذه الأموال الطائلة لاستثمارها في تربية الماشية الزحف على أملاك الناس...
وقبل هذا وذاك، من له المصلحة في إضعاف واستنزاف الأطلس الصغير، جزولة مهد المرابطين والموحدين والسعديين والسملاليين ؟
ولماذا هؤلاء الزعماء ورؤساء الأحزاب صامتون أمام ما يحصل في مناطقهم وقبائلهم... ؟
أليس فيكم رجل حكيم...؟

ليست هناك تعليقات: