بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 15 مايو 2021

أين اختفت الضمائر ؟

مركزتيفاوت الإعلامي
من كتاب نداء الروح لمؤلفه محمد عبد الرحمن الخميس
أمام فشل تجارب الإنسان الحداثي لابتكار نظام عيش جماعي فعال وشمولي لجميع أجناسه، يتبين واضحا أن أسباب الفلاح لا توجد متكاملة في شخصية الإنسان وعقله لآنه لم يخرج بعد من فترة المراهقة وأن هذه المرحلة الصعبة تبدو وكأنها ستطول لألاف السنين مقبلة إذا تأملنا في الحلقة المغلقة التي يدور فيها كيانه حيت أن محطاتها لا تتغير: بناء، هدم وتأمل ثم بناء، هدم فتأمل. فتجربته لألاف السنين لم تفده في ما هو أهم  : التغلب على نفسه الأمارة. 
ولتوضيح صورة هذه الدائرة المغلقة، فلنتذكر حالة نفوس البشرية عند خروجها من الحرب العالمية الثانية في زمن غير بعيد : الغالبون والمغلوبون تحت صدمة الأضرار الوخيمة، تأسفوا ثم وقعوا معاهدات وقرروا إعادة بناء العالم وتعهدوا أن لا يعيش العالم مثل هذه التجارب أبدا وأن كل النزاعات سيتم تسويتها بالحوار وليس بالأسلحة أبدا. إلا أنه سبعين عاما بعد هذه الأحداث وبفعل ترادف الأجيال، بدأت ذكريات تلك المآسي تتلاشى والبشرية تستعد من جديد لتدمير بعضها البعض. لماذا ؟ 
الجواب : إن نداء الروح الزكية (أو الضمائر) أطغى عليه ضجيج النفوس الحيوانية (أو الأمارة).
فالإنسان - ومن ورائه ما ابتكر من أنظمة ومؤسسات- مازال يحتاج إلى الرعاية والإرشاد، والمواكبة بالنصح والتشجيع أو الأمر والزجر حسب تصرفاته وقدرته على محاربة هيمنة نفسه عليه. وبما أنه لا يقبل اقتسام تقرير مصيره مع أمثاله من البشر والتعايش "بعقلانية" معهم، فلن ينفعه ولا حيلة له إلا الاستسلام لفكرة وجود قوة قاهرة لها سلطة التدبير والقرار في أموره وأمور الكون من حوله، ويؤمن بها. 
لكن هل هو مستعد ؟ وهل له رغبة في هذا ؟ هل يمكنه ولو لفترة وضع أنانيته الهدامة جانبا ؟

ليست هناك تعليقات: