مدة القراءة: 4 دقائق.
بإيجاز: ما موقع نقابة عمال شركة معادن إميضر من نضالات ساكنة إميضر ضد سياسات إدارة المنجم؟ هل بروتوكول التشغيل يخدم مصالح الشركة أم مصالح العمال؟
لا تختلف نضالات الشعب عن بعضها كثيرا، من حراكات مستقلة، وقضايا نقابات العمال في جميع أنحاء العالم، بل تصب في نفس الاتجاه وغالبا ما تؤطرها نفس الشعارات من قبيل "الديموقراطية" و"الجماهيرية" بل اكثر من ذلك فإن الحركات الاجتماعية في الشارع السياسي والنقابات العمالية داخل الشركات والادارات تصنف فيما يسمى لدى البعض "الكادحين"، لكن دعونا نتحدث اليوم عن نموذجي "حركة إميضر الاجتماعية المستقلة" و"نقابة عمال شركة معادن إميضر" المنطوية تحت لواء الكونفدرالية الديموقراطية للشغل.
قبل تأسيس هذه النقابة، قامت إدارة منجم إميضر في أواخر السبعينات بطرد عدد كبير من عمال المنجم المنحدرين من منطقة إميضر بشكل تعسفي، وتم تعويضهم بعمال من مناطق ومدن أخرى حتى صار أبناء إميضر أقلية قليلة جدا داخل المنجم.
بعد ذلك تأسست نقابة العمال، وفي سنة 1992 بعد إضراب العمال عن العمل لمدة 6 أشهر تقريبا، ابرمت ادارة المنجم اتفاقية جماعية مع مكتب نقابة العمال استطاعت من خلالها هذه الاخيرة تحصيل العديد من المكتسبات والامتيازات الاجتماعية لفائدة عمال المنجم، وتضمنت كذلك البند رقم 30 الذي بموجبه يتم تخصيص كل فرص الشغل الشاغرة بالمنجم لأبناء العمال.
هذا البند خلق استياء كبيرا لدى ساكنة إميضر كون أبناء إميضر أقلية قليلة جدا داخل المنجم وأتى البند 30 لجعل هذه الأقلية رسمية وأبدية، ويحرم العديد من الاشخاص من حقهم في الشغل لعدم وجود وارث منصب شغل لهم.
لكن، هل فعلا كان البند 30 من اقتراح العمال؟ هل هو أصلا إيجابي بالنسبة لهم؟ هذا نقاش اتمنى ان يستوعبه العمال الحاليين وأبنائهم الذين يتركون دراستهم من أجل الالتحاق بباطن الأرض.
منذ زمن بعيد وحتى اليوم، تحاول ادارة المنجم تبرئة نفسها من تهمة اقصائها الممنهج لابناء إميضر من الشغل بالمنجم بحجة البند 30 الذي يربطها بالنقابة العمالية، فتحاول تحويل الصراع الاجتماعي بينها وبين الساكنة المقصية الى صراع بين هذه الأخيرة والنقابة! بل وصل بها المكر الى مستوى الدفع ببعض ابناء إميضر العاملين في المنجم والمنخرطين في نقابة العمال الى الحصول على عضوية في الاطار النقابي او المكتب التنفيذي للنقابة، لتعود بعد ذلك فتقول أن تراجيديا إميضر او بؤس إميضر هو من صنع ابنائها، تقول ان اميضر مقصية من حقها في الشغل بسبب اتفاقها مع النقابة وان اعضاء النقابة هم من إميضر!! لكن الجميع يعلم كيف تسير الامور هناك في منظومة صنع القرار داخل النقابة، حتى ولو كان ابناء اميضر هم اعضاء المكتب التنفيذي لنقابة العمال ولنفترض انهم احرار وتسري دماء اميضر في عروقهم (عكس واقع اغلبهم للاسف) فما موقعهم من الية صنع القرارات داخل اطارهم الذي ينخرط فيه مئات اضعاف عددهم، لا ولم ولن يستطيعون فرض مقترحاتهم امام حشود من منخرطي نقابتهم الذين ينحدرون من مناطق اخرى.
لهذا يخاطب سكان اميضر ادارة المنجم ويلومونها على اقصائها لليد العاملة الايميضرية، ففي سنة 1996 قام المعتصمون من عاطلي إميضر بالتنديد بالبند رقم 30 او بروتوكول توريث مناصب الشغل التهميشي، ولم يهاجموا النقابة كإطار، العمال والمعطلون هم من "الكداح" حسب تعبير مكونات الجسم النقابي، لكن خلال فترة الاحتجاجات الجارية التي تؤطرها حركة على درب 96 منذ صيف 2011 والمطالبة بالحق في التشغيل، اصدرت نقابة العمال بالمنجم بيانا وأكدت عبره على كون البند 30 التوريثي لمناصب الشغل خطا أحمر، ومنذ ذلك الحين اختارت الحوار والتفاوض مع ادارة المنجم عوض التضامن مع الحركة الاجتماعية او "رفاقهم الكدح" الذين يشاركون معهم نفس الشعارات، فاستغلت الوضع لكسب المزيد من الامتيازات مقابل التنازل المرحلي والاستثنائي عن بروتوكول الاتفاقية خلال سنة 2013، ومنذ ذلك الحين اصبحت حركة اميضر هي النقابة الفعلية مادام اعتصام البّان قائما ومادامت نقابة العمال تستعمل في بياناتها عبارات من قبيل "الرفع من مستوى الانتاجية..." ضمن اهدافها ... مع الأسف.
العمل النقابي أمر جيد، العمال يستحقون أجود ظروف العمل واكثرها أمنا وأمانا، يستحقون أجورا وتعويضات وامتيازات جيدة، لكن انه لمن المؤسف ان نقع في مثل هذه المصيدات الباترونية التي ارى ان البند رقم 30 التوريثي لمناصب العمل هو من كيدها خصوصا بعد طرد ابناء اميضر وتشغيل اشخاص من مناطق اخرى، لا يحسّون بآلام هذه الارض المستنزفة والمغتصبة، لا ولن يبالون بمشكل استنزاف مياه اميضر لان زوجاتهم واهلهم لا يعيشون في إميضر، لا يبالون بمشكل التلوث لان اولادهم وزوجاتهم بعيدون عن مطارح السيانور، تسربات الزئبق والرصاص والزرنيخ والانتيموان...الخ، لا ولن يحسون بما يحس به سكان اميضر، لن يبالوا سوى بالاجور والتعويضات..وهذا ما تريده ادارة الشركة بالضبط.
اذن فلتعلموا ان بروتوكول توريث الشغل أنفع وأكثر نفعا للباترون قبل العمال، رغم اني لا ارى نفعا للعمال من اتفاق يثني العشرات او المئات من أبنائهم من مسارهم الدراسي للالتحاق بالمنجم، واعتبر بيان النقابة حول هذا البند هو من كيد الشركة كما اشتاق لنقاش هذه النقطة مع المتقاعدين كي يعلم الجميع من أتى بهذا البند؟ اهي فكرة عمالية نقابية أم باترونية؟
اليوم، شركة معادن اميضر تحاول توجيه صراعها مع السكان الى نقابة عمال لا نؤمن حتى بوجودها خصوصا بعد 2013 وبعد تلك البيانات الغبية التي اصدرتها باسم عمال المنجم ضحايا إطارهم الذي صار عصا في يد الشركة لكسر النقابة الحقيقية التي هي اعتصام اميضر.
Moha Tawja Imider 10 Mai 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق