خميس بوتقمانت
متى يتعقل هؤلاء و يحشمو شوية يحيدو هاد القفة الرمضانية؟! هذه القفة لا علاقة لها لا بالاقتصاد التضامني ولا بالتكافل الاجتماعي ولا بقيم التضامن و المؤازرة.
الإبقاء على هذا السلوك المتخلف هو تحصين للإذلال و المهانة و الإهانة الجماعية لنا جميعا. يتم تصوير البسطاء متسولين و خانعين و مذلولين و يروج لذلك كأنه إنجاز و فتح يحتاج للتهليل و التبجيل و التباهي .
القفة تقتل الكرامة في متلقيها عبر التشهير به كمسحوق ، و إذا قارننا كلفتها المادية التي لا تتجاوز 300 درهم بالكلفة و القيمة الرمزية للعملية سنجد أن تصوير مواطن مقوس الظهر في عملية أقرب لعملية الركوع و هو يستلم هذه القفة بملابس رثة و مظهر يعبر عن قساوة اجتماعية و أسرية، وسط أناقة المشرفين عن العملية و هندامهم الحسن ، و إذا قارنا بين قيمة القفة و قيمة توزيعها و ما يصاحبها من نقل لوجيستيكي و مصاريف القائمين عليها و غيرها ، سنجد الكلفة الرمزية و القيمة الاعتبارية للعملية باهضة و تفوق قيمتها المادية بأضعاف مضاعفة ، إذ لا تقدر عملية قتل الكبرياء و خدش الكرامة بثمن.
من يرى في هذا السلوك المتخلف حساً لسياسة اجتماعية لا يختلف في شيء عن ماركوس كرايسوس الذي لم يستسغ حريته و نافح عن عبوديته و تاق لها في صراعه مع سبارتاكوس بعد واقعة تحرير عبيد روما الشهيرة.
هؤلاء يريدون إضافة مؤشر التسول و تحطيم الكرامة الى المؤشرات المحددة للرفاهية الاجتماعية، و بدل ان تسعى الدولة الى النظر في سبل خلق دخل قار يحفظ كرامة المعوزين و التفكير في أنشطة مذرة للدخل للحد من تنامي الفقر و العوز و الارتقاء بهم من مرتبة الرعاع الى منزلة المواطنين، تحاول بدل ذلك الترسيخ لثقافة المَنْح و الهبة الموسمية و التشهير بالرغيف الحافي كأنه محدث الفارق في بيئة اجتماعية معتلة صار فيها التسول و الدعارة و الاحتيال و الاذلال أنشطة يتم الرهان عليها لتدوير العجلة الاقتصادية...
غريب أن يتم مواكبة هذا القرف بهالة إعلامية توثق للفضيحة و تجعلها نصرا و مظاهرا من مظاهر التميز و الريادة في تدبير الملف الاجتماعي...
و المبكي في الأمر ان هؤلاء المشهّر بهم في عملية توزيع القفف هم في الاصل ضحايا السياسات العمومية التي اوصلتهم الى هذا الحضيض و القرف، و من شدة التسلط الممارس عليهم و الحرمان و قِصر اليد صاروا يشكرون المسؤولين عن قهرهم في مشهد مذل و مخزي و قبلوا باغتصاب إنسيتهم مقابل ليترات من الزيت و سكر و قطاني فصاروا ماكينات منزوعة الشعور و الحس الانساني من شدة القهر و الذل و الحرمان .
أوقفوا هاد الزفت... تبا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق