بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 17 فبراير 2021

عندما تنبأ أحد شعراء النظم (الرايس) بالمسيرة الخضراء قبل تنظيمها:

مركزتيفاوت الإعلامي
عُرف منذ العهود القديمة ارتباط الشعر والنظم في حياة الإنسان بالتنبؤ وعرفت ميادينه محاولات التطيُر والاستطلاع والاستخبار وكشف الغيبيات ومكنون النفوس...
ولسنا هاهنا بصدد الخوض في تفاصيل العلاقة بين الشعر والتنبؤ وتكفي الإشارة إلى أن واحدا من أكبر الشعراء وأفصحهم كان يحمل لقب المتنبي.
ما يهم بالمناسبة أن نتطرق من خلال هذا المقال إلى حدث فني عظيم جرى في شكل كلمات خفيفة على لسان واحد من شعراء رقصة أحواش أو (AGWAL) بمكان ما في قرية تالوين ونواحيها، حدث فني فريد من نوعه في الميدان الفني المرتبط بنظم الشعر الأمازيغي في حفلات الأعراس ومناسبات الأفراح، هو حدث يحمل في طياته نظما تشخيصيا لأحوال أمة ويعجز عقلي في تصنيفه، أهو بالفعل مجرد حدث فني وكفى أم هو فلسفي أو تاريخي أو سياسي أو عسكري أو غير ذلك؟
نشير في البداية إلى تضارب الآراء عمن قال هذا النظم وعن موطنه، فبعض الروايات كما سمعتها ذات زمان تعزي قوله إلى أحد الشعراء بمنطقة صنهاجة (إزناكن) وقيل إنه يُدعى (بلا ن-زينبا) وروايات أخرى ترجح أن يكون ناظمُه هو أحد شعراء منطقة إسافن نايت هارون) وقيل إنه يدعى أحمد أوعيسى، ولكن لا علينا، فالأهم عندنا هو الوقوف على ما قيل أكثر ممن قال وعلى مناسبة النظم ودوافعه وأهدافه الوطنية النبيلة.
وقبل الانتقال لسرد ما قاله هذا الناظم أو ذاك من تنبؤاته أحب أن أقف بكم عند حدثين فنيين لا يخرجان عن سياق حديثنا هذا، أولهما مرتبط بالتنبؤ الشهير الذي جرى على لسان الشاعر السوسي الكبير مبارك بن زيدا والمرتبط بنهايته، ليست نهايته الفنية بل نهاية الحياة برمتها، ذلك التنبؤ العجيب والمثير الذي طوى حياة الناظم كلها في أبيات قليلة نظمها وتنبأ فيها بدنو أجله يوما واحدا قبل وفاته وقال فيها
>ALLAYAMT AZHRA HAN WALLI KENT ILAN
>YOUT OUZEDDOU SLHINT IXKXMT AKAL
>AN NIT IZZERI 4ASSAD N4TAK OR IKMMIL
أما الحدث الثاني فنقصه عليكم لما فيه من الطرافة بغض النظر عن صحته من عدمها وهو مرتبط بحكاية لغز محير تداولت قصتَه ألسنةُ الكثير من الناس في منطقة سوس ومفادها أن رجلا ندر لزوجته الحامل أن يشتري لها ذِبحا عظيما عقيقة المولود إن هي أنجبت له ولدا ذكرا ووعدها أن يكون طول ذيله سبعة أشبار بالتمام والكمال، ولما وضعته ذكرا حار الزوج في أمره إذ لا يمكن أن يجد في الأسواق كبشا بما حدده من الأوصاف وقد أُفتي له بوجوب الوفاء بما ندر وإلا فإن المولود يبقى محرما عليه، وانطلق حيرانا كيف يتخلص من أعباء ما ندر به فإذا بالصدفة الخالصة تقوده إلى حفل زفاف بجوار موضعه، وأخذ بحصى صغيرة وبلله ببصاقه ورمى به في اتجاه الناظم الذي يستعد ليلقي نظمه فإذا به يسمعه يقول نظما إن ذيل كبش العقيقة يستحب أن يُقاس بيد المولود لا بيد الوالد، أبيات النظم معروفة ولا تحضرني الآن.
ونعود إلى صلب الموضوع في قصة أبيات شعرية أمازيغية موزونة، هي أبيات قليلة لا تتجاوز أصابع اليدين ولكنها في المعنى والدلالة هي مجلدات في التاريخ ودروس التربية الوطنية والحكمة والبيان، قيل إن صاحبَها قد نظمها أواسط الستينات من القرن الماضي، وبالمعنى الدقيق للحسابات السياسية فقد نظمها عشر سنوات بعد جلاء الاستعمار الفرنسي عن بعض أجزاء الوطن وعشر سنوات قبل انطلاق المسيرة الخضراء نحو أهدافها المسطرة لها، إليكموها لتتأملوها:
 TOGGASS AS7TAJJANT LIMOURAT NYAN
 I4 OR INKER OUAFOUDNSN OR ATNT LKEMN
 AD OR I9L AYTTAZZAL YAN FTALLI RAN
 AWKAN NTKEL 3LLAH AN7YEL FWAKALN5
 WADAA FNIT SOUL IGA OWROMY ADARNS
 RBA AMI4RI5 AYIJNJMN 4TASSASSIN
 TILILANK ARBBI ADA5 GUINT TIFAWIN
 3AWNATA5 AD N7OUZ ELMLK NI4AMAN
 AD NSSOUTL ISS7RA DAWR ITTAFN IKERKAR
 I4 IRA OUGLLID LJIX NFKASSN MELYOUN
 I4 OR I9EDI XABAB YAT INKER WANAWN5
والجدير بالذكر أن هذا الناظمَ المتنبي قد نظم هذه الأبيات الشعرية خلال حفلة رقص جماعية بموضعه AGWAL وهو في مرحلة متقدمة من السن، ويحكى أن الراحل الحسن الثاني قد علم من شأن هذا الرايس ما علمه واستدعاه وأكرمه، بهذا سمعتُ والله أعلم.

ليست هناك تعليقات: