Mouloud Oudor
بناء على ماسبق، يتبين أن بناء حزب بديل، يحمل هموم الشعب المغربي، مسألة ملحة. وأرى أن يكون تجمعا لشباب/ات المغرب، الديمقراطي والتقدمي، التواق إلى التغيير، والمشاركة في صنع القرار، ببواديه ومدنه.
مشروع لكل الذين يكتوون بالسياسات النيوليبرالية بشكل يومي، فحماس الشبيبة وروحها الدفاعي/الهجومي، هما القادران على النضال، وبلوغ التغيير بمعية الخبراء، والباحثين، والنقابيين، ومناضلات الحركة النسائية، والفاعلين الجمعويين الصادقين...، الذين لم يجدوا مكانا في الأحزاب الحالية، ولم يجدوها وسيلة للتغيير.
المثقفون، وأقصد بهم القادرين على التفكير، وفهم المشاكل وحلها. ويدخل المتمدرسون (المهتمون بالعلوم والآداب والفنون) وغير المتمدرسين - وما أوسع هذه الفئة في مجتمعنا- المشاركين في حياتنا اليومية، المحتكين مع مشاكل المجتمع المعاشة، ضمن هذه الفئة. ومن أوجب واجباتهم، تشخيص حالة بلدنا، وتحليلها، والتفكير في الوسائل الملائمة للخروج من أزماتنا، وتكوين مجموعات فكرية، يتبادل في وسطها النقاش، والمقارعة بالأقلام، والاحتكام الى العقل والبرهان، وإلى تجربتنا التاريخية.
يجب أن يشمل هذا المشروع مناضلي الحركة الأمازيغية، وتنظيماتها، المؤمنون بالتغيير الديمقراطي، والذين يشكلون محرك مجموعة من الحركات الاحتجاجية، التي تدافع عن الأرض، والهوية والثقافة الأمازيغية، التي أريد لها الإقبار، بمباركة جزء مهم من الأحزاب، كما أشرنا إلى ذلك سابقا.
وكل من يناضل من أجل الثقافة والهوية المغربية، فلا تنمية ولا ديمقراطية، منعزلة عن ثقافة البلد، بل يجب أن ينطلق التغيير الذي ننشده، من ثراتنا الأمازيغي، والمغربي بشكل عام، سواء الشفوي أو المكتوب، عن طريق نقده، وتفكيكه، وإعادة تأويله. مثلا توجد عدة مؤسسات في الثقافة الأمازيغية، التي تعنى بتدبير الموارد (الماء، المراعي...)، وتدبير شؤون الدوار أو القبيلة، عن طريق الحوار، وتبادل الأفكار، يمكن أن نستلهم منها الديمقراطية التي ننشدها، بعد نقدها، والشجب ببعض الممارسات التسلطية التي صدرت عن بعضها في بعض المناطق، والأزمان، وعدم مشاركة جميع أفراد المجتمع فيها كما هو معروف. وإعادة تأويلها، لتكون دعامة أساسية لنزع التسلط عن تنظيمات المجتمع المدني.
مناضلي ومناضلات الحركات الاجتماعية، بالمناطق المهمشة، كالجبال المغربية، والواحات...، التي تسعى إلى تحسين شروط عيش العامة (أستعمل مصطلح العامة لأن هذه المطالب تشترك فيها جميع فئات المجتمع)، المطالبة غالبا، بتجهيزات مرتبطة بالصحة، والتعليم، والتشغيل، والربط بالماء الصالح للشرب والكهرباء. وبالأحياء المهمشة في المدن، التي يتركز فيها بالخصوص العمال، والموظفين الصغار، والمشتغلين بالقطاع غير المهيكل، وما أوسع هذه الفئة في مجتمعنا، الساعية إلى الحصول على الحق في المدينة، بمعنى الاستفادة من السكن اللائق، والتجهيزات، والفضاءات العمومية الموجودة في المدن، التي يتم خوصصتها يوما بعد يوم.
يسعى إذن هذا الحزب، إلى تجميع جميع الديمقراطيين الحداثيين (أستعمل هذا المصطلح كمقابل للرجعيين)، الساعين إلى التحرر، والتوزيع العادل للثروة بين الجميع، وجميع المناطق المغربية، في إطار مجهود متواصل للإنتاج.
وبذلك فهو ليس أقرب إلى الكتلة التاريخية التي نادى بها الدكتور محمد عابد الجابري، والتي استعارها من المفكر الماركسي الإيطالي أنطونيو غرامشي، بعدما تبين له التشابه بين أوضاع المغرب، وايطاليا في بداية القرن الماضي. لكون الكتلة التي تصورها تتكون أولا: من عدة أحزاب وتنظيمات وفئات اجتماعية، كما هو معلوم. ثانيا، تدخل في إطارها الجماعات التي تسمى اسلامية (الدعوية)، التي تستعمل الدين، وتؤول نصوصه حسب ما يقتضيه برنامجها وأهدافها، أي بناء مجتمع متزمت ذو نمط واحد، غريب عن ثقافتنا وتراثنا، المتسمان بالانفتاح والاعتدال.
ومن واجبات هذا التنظيم النضال ضد هذه الجماعات عن طريق الحوار، ومحاولة تأزيم خطاباتها، التي تدغدغ به العواطف، مع الحيطة والحذر، من السقوط في مواجهة الشعب المغربي المسلم، الذي ننتمي إليه، مع التشديد في التعامل مع النوع الراديكالي من هذه الجماعات. وعن طريق نشر فلسفة الاختلاف والتعدد، والتسامح، والتمازج، السبيل الوحيد للتعايش بين جميع مكونات الشعب المغربي، ونبذ العنصرية الذهنية ضد السود، التي تتجلى في توصيفهم بالعبيد أو أحفادهم، وكل أشكال التحقير التي تحط من كرامة الإنسان، ومعجم الدارجة المغربية واللغة الأمازيغية، مملوء بهذه العبارات. وضد اليهود كأقلية دينية.
عموما، يستهدف هذا الحزب، تحقيق برنامج الحد الأدنى، أسس الدولة الديمقراطية الاجتماعية (الدول الاسكندونافية دليل على جدوى هذا النمط. لكن لا نسعى البتة إلى تقليد هذه الدول الأوربية، وإن فعلنا فسنبني نموذجا كاريكاتوريا) أو المطالب الديمقراطية، التي يشكل بناء اقتصاد وطني متحرر من جميع أشكال الهيمنة الأجنبية، موجه لسد الحاجيات الأساسية للشعب المغربي، أولى أولوياته".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق