مركزتيفاوت الإعلامي
اتصالات متعددة ورسائل كثيرة وصلتني أمس من أصدقاء وأساتذة أقدرهم كثيرا حول نقدي للفريق النيابي للعدالة والتنمية لدخوله في مسار "التوافق" الوهمي وتضحيته بالمبادئ المؤسسة لمشروعه السياسي. لكل هؤلاء لا بد من تقديم التوضيح التالي:
1. دوما كنا نميز في نقاشنا لمسألة لغة التدريس بين طائفتين من الأحزاب : الأحزاب الوطنية الخارجة من رحم الشعب بمعاناته وآماله، وهذا تعريفنا لمن سألنا عنه، وأحزاب الإدارة التي كانت وستظل مجرد أحزاب وظيفية تؤدي أدوارا معلومة كإلباس شخص معين ثوبا حزبيا من أجل التوظيف في الحكومة أو خلق حالات الانسداد السياسي والاجتماعي أو خلق أغلبية عددية وإيهام الناس بوجود تعددية ديمقراطية .... لذا لم نهتم بأقوال هؤلاء وليسوا أصلا مجالا لانشغال سياسي أو مجتمعي حقيقي . فمثلا أحد هذه الهيئات الوظيفية نظم قبل أيام ندوة حول العدالة اللغوية ومرت كأن لم تكن، لأن الأصل في النقاش قبل الحديث عن العدالة اللغوية الحديث عن تمثل الحزب الذي يقوده أمين عام عين قبل ولادة العديد من زعماء الدول الديمقراطية، للعدالة نفسها. وقس على ذلك. لكن أحزابا مثل الاستقلال والعدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية واليسار الاشتراكي والاتحاد الاشتراكي وغيرهم، كيفما كانت رؤيتنا لطريقة تدبيرها للملف اللغوي أو رؤيتها للمسألة الهوياتية هي جزء من هذا الشعب تاريخا وانتماء، ونقدنا لها جزء من مهمتنا في تصويب مسارها وتذكيرها باختياراتها المؤسسة.
2. تخصيص البيجيدي بالنقد نابع من كونه قائد التجربة الحكومية الحالية مما يجعله الأقدر والأجدر بالدفاع عن اللغة العربية في المدرسة، وليس تقديم مبررات حول الضغوط السياسية والإملاءات السيادية... لأن حركية التاريخ لا تتوقف وما يعتقد اليوم ثباته سيكون غدا متغيرا بالإلزام. وانظروا للرفض الشعبي للنخبة الفرنكفونية في حراك الجزائر. فالأجدر أن تكون مواقفنا تاريخية وليست انسيابية مع الأحداث. فالتاريخ لا يرحم. وكذلك ذاكرة الشعب.
3. هذا لا ينفي تقديرنا الفعلي لمقاومة العديد من الأحزاب الوطنية لمشروع الفرنسة وعلى رأسها البيجيدي والاستقلال، لكن مُخرج المقاومة كان رديئا وقاتلا. فبأي وجه سيتحدث غدا الحزبان إن هما ضحيا بشرعيتهما الشعبية والتاريخية؟ لا تحدثني عن الضغوط والتوافق، أو عن الانسجام الحكومي، أو عن معرفة القيادة السياسية دون غيرها بالأسرار، لأن هذه قضايا وهمية صنعت من أجل إخضاع الأحزاب الوطنية وتحويلها إلى مجرد أحزاب وظيفية لا تختلف في شيء عن البقية الباقية.
لذا نقول لكم، أعضاء هذه الأحزاب خاصة الاستقلال والبيجيدي، إن كانت بعض الهيئات الوطنية قد فقدت بوصلتها، مؤقتا، نتيجة لصراعات الداخل التنظيمي، فإن الفرصة مازالت مواتية لتصحيح المسار ورفض هذا المشروع الذي سيضحي بكل مبررات الوجود. دعوهم يمرروه بأغلبيتهم الوظيفية واختاروا أنتم المبادئ وأحضان الشعب. فهي أبقى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق