
مركزتيفاوت الإعلامي
وكيم زياني
جل المصادر التاريخية تقول بأن المسمى إدريس الأول عاش خمس سنوات مع قبائل أوربة الأمازيغية وقتل مسموما، هذا بعد أن فر من معركة "فخ" سنة 169 هـ /786م، بين الجيش العباسي وبين أمير مكة والمدينة واليمن محمد ابن عبد الله بن حسين، إنتهت بهزيمة دموية قاسية تكبدها الشيعة أتباع زيد بن علي، كان العباسيين يحاربون الخوارج بناء على فتواي إبن تيمية، فر إدريس الأول إلى شمال إفريقيا، هاربا من بطش الاقتتالات في المشرق، قطع إدريس كل أرض نوميديا و موريطانيا القيصرية، ووصل إلى طنجة ثم اتجه إلى أوليلي (volubilis)، فوجد منطقة متمدنة.
كان إدريس ابن عبد الله شيعيا زيديا، وقد عرف المشرق صراعا حادا ودمويا بين الشيعة والخلافتين الأموية والعباسية أدى إلى مواجهات دموية بينهما.. لأن المغرب في تلك المرحلة كان مستقلا عن السياسة العباسية في المشرق منذ ثورة الأمازيغ في 122 هجرية، لذلك أصبحت شمال افريقيا والمغرب الأقصى خاصة وجهة لكل المعارضين للخلافة الأموية والعباسية في المشرق من : خوارج، شيعة، معتزلة وغيرهم.
وصل إدريس الأول إذن إلى اوربة في حدود عام 172 هـ/ 789م، فوجد المغرب مستقلا، حرا، قائما بذاته، مستعدا لاستقبال كل المضطهدين والمعارضين مهما كانت توجهاتهم، وعلى هذا فإدريس جاء إلى المغرب كلاجئ سياسي مضطهد، فوجد في قبائل أوربة الأمازيغية مستقرا له، وبناءا على الكثير من المصادر التاريخية، فقد عينه زعماء قبائل أوربة "إماما لإمارتهم" وليس حاكما كما يروج وروج لذلك البرنامج الذي بث عن "كنزة الأوربية"، وفي أعراف الأمازيغ الأوربيين بما أنهم بايعوه، يجب أن يزوجوه، فزوجه الحاكم ببنته "كنزة". توفي إدريس الأول بعد 5 سنوات مسموما سنة 177هـ/794 م، ويكتنف الغموض هذا الأمر بشكل واضح رغم توجه بعض الكتابات التاريخية إلى إدعاء وقوف العباسيين أو الشيعة وراء مقتله، بحيث يمكن ربط مقتله بأسباب سياسية وإيديولوجية مع القيادات الأوربية الأمازيغية.
والدليل التاريخي بأن إدريس الأول لم يكن حاكما بل كان إماما لأوربة، يحكي عبد الله العروي "بأن إدريس الأول كان يخضع تمام الخضوع لأولئك الذين تبنوه" (أوربة).
أما إدريس الثاني الذي بنيت في عهده مدينة فاس، ونقل إليها عاصمة أوربة التي كانت في وليلي، فقد أثار غضب القيادات الأوربية بعدما نظم مجزرة جماعية لنخبة زعيم أوربة عبد الحميد بن اسحاق وإستقدم لخدمته 500 عربي مهاجرين من الأندلس ومن القيروان، وألف لنفسه حرسا شخصيا، وحاول استقدام العرب من قرطبة والقيروان وحتى من المشرق لتوطينهم في أوربة. وكل هذا كان محاولة منه لتعريب النخبة على حساب الزعامات الأوربية الأمازيغية.
أدى هذا التصرف إلى أزمة سياسية عام 808م، سرعان ما وضعت حدا لنيته في مصادرة السلطة، وعليه أعطى زعماء أوربة لإدريس الثاني إشارات قوية بأنهم إستقبلوه إماما أكثر منه زعيما سياسيا، فهم كانوا ينظرون إلى الأدراسة على أنهم دعاة واجبهم الأساسي القيام بالدعوة لا غير ذلك.
كما فيما يخص أكذوبة تزاوج الأمازيغية بالعروبة من خلال البرنامج السالف الذكر، بعد تزواج الأمازيغية "كنزة" برجل عربي "إدريس" فيقول في هذا الصدد عبد الله العروي: "إن أمر التعريب للإمارة أقل ثبوتا بكثير، إذ أننا عندما نتعرف في القرن الحادي عشر على أفراد من فروع إدريس البعيدة، وقد صاروا شيعة على نحو واضح في السباق على السلطة في الأندلس بعد سقوط الخلافة في قرطبة، فإنهم سيكونون قد تبربروا".
يتبع...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق