بقلم ابراهيم توفيق
رحلة مع اكودار هي بمتابة وففة تأملية امام عظمة ومفخرة "اكادير" بسعته ورحابة مكانة وعلو ابراجه واسواره السميكة وزخرفة شرفاته وابوابه البسيطة ،تحمل معاني وتأملات وفلسفة بعمق ثقافي غزير العبر والقيم الرفيعة التقدمية .من خلال تحليل محتويات الذاكرة المحفورة في اعماق ساكنة الدواوير من مرويات وحكايات وعبارات كلها تتمركز على محورية المكان في الحياة العامة للقرويين والمساهم بأدوار ووظائف في تخليق حياتهم وحفظها من الازمات والنكسات والكوارث .
وهكذا فكثيرا ما يدل بمكان التجمع الى وقت قريب في عقود التمانينات والتسعينات الى قرب اكادير او بجانبه ،ومن المناسابات ما تقام فيه في بعض الدواوير الاخرى كالرما وغيرها ،هذا الارتباط يجل المكان ويعطيه رمزية وعنوان واضح في تمثيل اللحمة التضامنية بين كل مكونات الدوار والقبيلة ،وهي المؤسسة التي تعاقد عليها مكونات المجتمع المحلي في احضان جبال الاطلس الصغير وسوس لتدبير شؤونهم الاجتماعية والقضائية والاقتصادية والثقافية ،وفي حماية من الاطماع والمتربصين والحساد والناقمين ،حديث الجميع يرشح قيمة اكادير في وعي واحساس وشعور الجماعات القروية بين جميع مكوناته الكبير قبل الصغير ،ودلالاته وهيبته في مبدأ التنظيم وهي المؤسسة الضامنة الى نوع من التركيز على مبدأ التخطيط وبالقوانين العرفية والحوار والتعاقد والتشارك لكل كوانين الدوار او القبيلة عن طريق ممثليهم المسمون امغراسن ،كما لا يغيب في فحواها الثقافي العميق اساس التوازن والعدل والانصاف والتجديد والعمل بقاعدة حل المعضلات المطروحة باستمرار وتبني نظريات بيداغوجية تلائم بين القيم والاهذاف والحلول الفعالة ،حيث لا توثر اي تصدع او اختلال او تنازع يؤدي الى التيه والابتعاد عن قاعدة الصالح العام او المصلحة العامة التي تبرز كثيرا في تدخلات اهل القرى على الخطابات الرسمية التي يقدم على المستوى المركزي البعيدة عن الواقعية والتجدر والتي تعمد الى الاتجاه صوب الشعارات الرنانة والفارغة المحتوى ،وهي مربط فرس اشكاليات التنمية والديمقراطية والمؤسساتية في بلدنا المغرب ،في حين ان النموذج الاكاديري وحده مغري بالنهل منه واعادته نحو الطاولة لمناقشته والاخد بزمام الياته في التدبير والمرونة والمعالجة والتشارك وصون المكاسب الثقافية وحماية الجماعات والافراد .
ان التضامن واللحمة التكافلية والتساوي والانصاف تضمنه التويزة وهي تمرة عمل العرف وما يغرسه من قيم وتربية في احساس ومشاعر القاطنين بالدوار في اعتبار ان يعنصر له مقامه واهميته ولا يجوز السماح فيه في جميع الاحوال مهما كانت الظرووف مما يغلب لديهم منطق العيش المشترك السليم ،اكادير بهذه التوصيفات بنية نسقية تجمع كل مكونات الجماعة تحث شعار واحد حفظ وصون كرامة الجماعة والافراد ورفع قيمتهم ضمن الجماعات والتعبير عن وحدة متراصة لها اليات تدبير الاختلافات والخلافات بشكل يجعل علاقة الترابط بين مقررات اكادير وكل فرد مثينة الى حد التماهي والدوبان في ان الفرد لا يرفع شأنه الا ادا انتهت انانيته امام تمثيلية اكادير .
يعد اكادير ذلك المبنى البارز في الدوار والذي لا يمتلك احد بصفة فردية انه مكان انصهار النزوات وبروز كبرياء المجتمع والتحدي العام نحو صون الكرامة والدفاع عن الانفة والكبرياء وحفظ المكتسبات والقيم الرفيعة ومناهضة الرديلة والصفات القدحية ،وهو المبنى الملجئ لكل مكونات المجتمع المحلي في الظرووف العصيبة وهو القائم على الحراسة لأغنى ما بحوزة الجماعة من مؤونة حبوب وشعير وادام ومجوهرات النقرة والمال والاواني الثمينة وانسجة الصوف من جلاليب وحايك وجلاليب وسلاهيم ،ومواد اخرى تثمن بخزانتها في اكادير من زعفران واناءات طينية ممتلئة بالاركان والعسل .
شعار اكادير تمثيل الحكمة والتبصر في الحلول والابداع عن طريق نخب متمرسة ولها من الخبرة في ميدان الحياة المادية والمعنوية تجربة ونجاح بارز في القيادة والنموذج في المواصفات القيمية والحوارية والاقناعية والتقريرية والاخد بالمبادرة واناثارها..ومنه انبرت اسماء مميزة لأمغارن اي الكبار بمعناه القويم في الرزانة والموقف والتباث والقدرة والحكامة الجيدة ،وايضا انفلاسن المرجحين للأراء الجادة ،فلا يخونهم ذكائهم عن تلمس مكامن الصالح العام ،وكيفية الدفاع عن ما يعزز بقاء الدوار والجماعة مرفوعين الرأس ،بحيث ان انتخابهم لا يأتي بالطريقة الغربية الديمقراطية التي افسدت محتواها في بلداننا بالكذب والفشل المستمر دون اي وقع يلتمس ،انما الاختيار يجري بشروط الخبرة وحسن السيرة والذكاء والتفوق في الحقل والاعراف والاحكام والفهم الاجتماعي واللغة والرمز والمعنى واثقان فنون الدفاع والحرب والدفاع عن الجماعة ..هكذا وصيغت قرارات وتجددت دون ان يجدوا في ذلك اي احراج في المس بلب الهذف والمرمى ،ما يضفي على اكادير مؤسسة التجديد والواقعية والتقدمية في اثارها العملية ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق