يتميز المسؤولون المغاربة بعشق لا يُصدّق لتعقيد المساطر الإدارية، ويجدون فيها إشباعاً لساديتهم في تعذيب المواطنين وابتزازهم والتلاعب بهم حسب هواهم. وهذا ما عرفته البطاقة الوطنية مؤخراً. قبل أن أدخل شخصياً في هذه الدوامة وأحاول تجديد بطاقتي الميتة، كنت أعرف شخصاً منذ 3 أشهر وهو يحاول أن يجدد بطاقته وقد بلغ من السخط عتياً. قوانين عجيبة لا علاقة لها بالمغاربة. يستحيل أن تذهب إلى إدارة وتحصل على ما تريد في يوم واحد. مهما حملت من الوثائق فسيفاجؤونك باشتراط وثائق أخرى. أما الأخطاء الإدارية التي يدفع ثمنها المواطن وحده فحدث ولا حرج، أنا شخصياً مرتين أضطر لتغيير بطاقتي بسبب أخطاء إدارية، لأننا نتعامل مع موظفين بالكاد يعرفون أساسيات الكتابة، إضافة إلى الإهمال واللامبالات التي تكتسح جميع الإدارات، ولماذا يهتم الموظف وهو يعرف بانه لا يوجد من يراقبه أو يحاسبه؟. يقتضي التعديل الجديد نقل خدمة شواهد السكنى من "المقدم" إلى الشرطة، حيث سيترحم المغاربة على أيام المقدم بلا شك، فبعدما كان الحصول على شهادة السكن ممكناً في يوم أو يومين، أصبحنا اليوم في مكناس على الأقل بحاجة إلى أسبوع، حيث أنّ المكلف بها في إدارة الشرطة يستلم الطلبات ويضع بعضها فوق بعض ولا يستطيع أن يمكث في مكتبه ليفعل ما يجب فعله، وحين يسأله المواطنون: "ماذا يجري؟" يجيبهم: "لدينا الكثير من الطلبات، عد بعد أسبوع". يعني إذا قدمت الوثائق المطلوبة في يوم الاثنين فلن تحصل على الشهادة قبل الاثنين المقبل على الأقل، مع العلم أن هذا الموظف لا يعمل أكثر من ثلاث ساعات في اليوم على ما يبدو. فهو يبدأ في التاسعة وينهي عمله عند الثانية عشر بلا رقيب ولا حسيب. وهكذا؛ الكل ساكت عن الكل وتضيع حقوق المواطن ووقته وأعصابه بين الإدارات، في ظل تخلّف محكم والغياب المطلق لأي إرادة في الإصلاح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق