مركزتيفاوت الإعلامي
إبراهيم توفيق
لاكادير وظائف متعددة ,ويمثل نمط الحياة الاجتماعية القبلية ,حيث اثار نظام القبيلة المغربية فضول الباحثين والانتروبولوجين لمعرفة الميكانيزمات المتحكمة في سير القبيلة ,وكان دائما هاجسهم الرئيسي يدور حول سؤال من يحكم القبيلة في غياب السلطة المركزية ؟فاختلفوا في دلك اختلافا كبيرا ,فبعضهم وفي مقدمتهم مونطاني اختزلوا المجتمع المغربي الى "بلاد السيبة" وهو مجال خارج عن السلطة المركزية ويتكون من القبائل الجبلية وفي بعض الاحيان يمتد الى السهول ,وهده المنطقة تحكم بنفسها ويطلق عليها مونطاني "الجمهوريات الامازيغية "-وبلاد المخزن وهو مجال تتحكم فيه السلطة المركزية ويتكون من الحواضر وبعض السهول الساحلية بالخصوص,والقريبة من تلك المدن .
وتناولت هدا الموضوع عدة دراسات فرنكفونية منها روبير مونطاني واندري ادام وخلصت انه من بين ما اختص به "اكودار" وظيفة اقتصادية (الخزن)للحبوب والزيت والدهون بصفة عامة ,وفي بعض الاحيان الحلي ,وكل ما تعتبره مسائل دي قيمة خاصة كالوثائق (اراتن).
ان ظاهرة (اكادير) لا يمكن فصلها عن النظام القبلي السائد في المنطقة والمتميز بالعمل الجماعي ,فهي لا تختلف الا من حيث الوظيفة ,تيويزي وتوالا ,ادن كان للعامل الاقتصادي دور حاسم في دفع السكان لبنائها .
الدلالة السياسية
لم يكن تاسيس اكادير بسبب عوامل اقتصادية مرتبطة بالقلة الناتج عن قساوة الطبيعة ,ولكن هناك عوامل اخرى ,فالعامل السياسي له دوره ايضا في دفع الناس الى التكتل في اطار الاحلاف القبلية الكبرى (امكون)او (اللف) فالصراع بين هده الاحلاف والتي اشرنا اليها سابقا ,جعلت الناس يضعون ممتلكاتهم الحيوية ,تحت حماية القبيلة باكادير ,لان اندلاع الحروب والصراعات تهدد تلك الممتلكات ,ادا كانت تحت حماية القبيلة باكادير ,لان اندلاع الحروب والصراعات تهدد تلك الممتلكات ,ادا كانت تحت حماية الاسر,حيث يسهل على المهاجمين السطو عليها .وعند قبائل جبل درن ,وجبل جزولة .فان السيطرة على اكادير .هو انهزام للقبيلة ,لدلك يؤسس اكادير عادة في مناطق جد محصنة طبيعيا .
وغالبا ما يكون اكادير الاماكن الاكثر استهدافا اثناء الحروب بين الاحلاف .ودلك لما تحتويه من مواد نفيسة ,وتموينية ,قد تساعد على تموين الجيش للاستمرار في القتال .
ان هده العوامل الاقتصادية والسياسية .لم تكن الا عوامل رئيسية لوجود اكودار ,اد يمكن ان تكون هناك عوامل ثقافية ,لا يتسع المجال لتفصيلها .
ولاكادير جوانب اخرى كالجوانب القانونية والهندسية .
وعندما نتحدت عن مؤسسة اكادير يحيلنا المرجع الى اهمية المكون العرفي ودوره في المجتمع القبلي بالمناطق السوسية وتالوين بالخصوص خلال الفترة القرن 17و18,ويسري مفعول الاعراف في جل المؤسسات الجماعية القبلية ,ومن ضمن هده المؤسسات الجماعية (اكادير).حتى يتم تسيير اكادير بواسطة قانون مسطر يطلق عليه (لوح).ولقد قام الاستاد محمد العتماني بدراسة بعض الالواح العرفية المرتبطة باكودار في مؤلفه "الواح جزولة والتشريع الاسلامي ,وهي رسالة دبلوم الدراسات العليا بدار الحديت الحسني المنشورة سنة 1970.وتشير معظم الابحاث التي اهتمت بهدا الجانب روبير مونطاني واندري ادام ,الى ان اقدم عرف اكادير وجد الى دلك الوقت هو عرف اجريف في اكادير ن_ايدوسكا وفلا,في السفح الشمالي لجبل جزولة الغربي "الاطلس الصغير الغربي".والدي خرب في بداية القرن 19,وهو مكتوب بالحروف العربية ويتضمن جملا امازيغية ,ويعود تاريخه الى نهاية القرن 16.ولقد استفادت منه اعراف اخرى كعرف اكدير ايكونكا .
ويرى الكازولي احمد في .lecture socio,juridique de quelques statuts coutumes des tribus..ان جل الاعراف تهدف اساسا الى ضمان النظام والامن داخل اكادير ,وان تسيير اكادير باعتباره مؤسسة دات اهمية قصوى ,موكول لمجلس من ستة اعضاء "انفلاسن" ويمثل كل واحد (ادوار) وكل واحد يشغل منصب رئيس لمدة سنة بالتناوب ,ويفتح اكادير من صلاة الفجر الى الغروب ويمنع دخول الغرباء الى اكادير ,ويمنع دخول الغرباء الى اكادير ,وكدلك ادخال الاسلحة ,كما يمنع على اليهود ,وعند بعض القبائل يمنع على النساء دخوله ,ولا يمكن اخراج شيء منه الا بنفس الحارس الدي تعينه القبيلة مقابل اجرة معينة .وحراسته تتم بواسطة رجال مسلحين خلال الليل .وفي بعض الاحيان بالنهار ادا كان يبتعد عن القبيلة ,وان الجرائم المقترفة داخل اكادير يصدر في حقها عقوبة اكثر صرامة من مثليها خارج اكادير,وفي العمق فان اكادير له صفة مكان مقدس ,ويصبح محرما على السرقة كما يعتبر مكانا للجوء ,حيث ان القاتل الدي يلتجأ اليه يفلت من الانتقام ,وان اي حادثة داخل اكادير تهم كل افراد القبيلة .
الجانب المعماري لاكادير,ان طريقة الهندسة التي تبنى بها "اكودار"تحتاج الى دراسة ,وصيانة باعتبارها (تحفا معمارية)لا زالت منتشرة في بعض مناطق جبل درن وجبل جزولة ,لكنها تتعرض للاندثار والتهشيم ,ان هندسة اكادير متميزة ببنائها المحصن ,فهو عبارة عن منازل كبيرة مربعة ,لايمكن ولوجها الاعبر باب واحد تقابلك ساحة واسعة ,تنفتح عليها اربعة او خمسة طوابق من الغرف الصغيرة يمكن الصعود اليها بواسطة سلم خاص على شكل (y)وعن طريق ممرات تسمى اسفولا التي توصل من غرفة الى اخرى .
ان هده الهندسة تستحضر اساسا الهاجس الامني ,وسهولة المراقبة وتبقى ظاهرة "اكودار"ظاهر تحتاج الى دراسة مفصلة لتبيان جوانبها المتعددة الاقتصادية والثقافية ,كما تفترض الاسراع الى حمايتها باعتبارها ابداع انساني متميز .
واكادير في هدا الاتجاه ينتمي الى السكن المغربي والى النمودج السكن المتوسطي ,ونظرا لعمق تاريخ المغرب ,وتميزه فهو يعتبر (خزانا معماريا متنوعا)بالنسبة لمنطقة شعوب البحر الابيض المتوسط.
تعدد تقنيات في عمليات البناء ادى بدوره الى ظهور الهندسة المعمارية الجهوية نظرا لطبيعة كل مادة وخصوصيات كل جهة فتفجرت عبقرية الانسان المغربي في الجبل او في السهل ,او في الساحل او في الصحراء في المدن او في البادية وظهرت معالم معمارية في كل منطقة ,فبرزت القصور والقصبات والمنازل والخيام والمساجد والاضرحة والاسوار والاقواس والاسواق ومختلف المرافق الاساسية وكل دلك اية في الجمال المعماري والروعة الهندسية .
تعد اساليب البناء وطرق الهندسة المعمارية ,احد المقومات الاساسية للتعبير عن الشخصية الوطنية ,حيث يمكن التعرف على بلد ما بسهولة من خلال بطاقة بريدية مثلا لاحدى معالمه المشيدة ,او من خلال صورة تبرز اسلوب تقنيات البناء فيه ,وخصوصياته .
لا يجب ان يفهم من هدا الكلام اننا ندعوا الى الاستغناء عن الاسمنت المسلح في عملية البناء ,فدلك امر غير وارد ,ولا يمكن تصوره في وقتنا الحاضر ,لكن الامر الدي ننبه اليه هو انه ليس البناء بالاسمنت المسلح هو الشكل الوحيد الممكن ,بل بجانب دلك ,هنالك مواد اخرى يمكن ان تصلح للبناء ,وبجودة عالية ,واقبال كبير ,ادا تم تشجيعها ,وتطويرها بطرق علمية وحديثة كي تصير ملائمة لحاجيات العصر ومتطلباته في ميدان البناء .
فبجانب الحجر والرمل والحديد والاسمنت هناك ,التراب ,والطين ,والخشب ,والحلفاء ,والوبر ,والفلين ,والجير ,والجبص ...الخ .انها مواد استخدمت في الماضي ولا زالت معالم اثارها شاهدة على جودتها وصلاحيتها ,ولا زالت تستعمل في وقتنا الحاضر ,ولكن بكيفية جزئية وثانوية للتجميل او التزيين اكثر منه لشيء اخر ,بينما الامر يستوجب ان تصبح مواد اساسية في عملية البناء,لا ان تبقى ثانوية ومكملة فقط في العملية .لكن استعمال المواد المحلية بكيفية مفيدة ومجدية ,يحتم قبل دلك تطويرها وادخال تقنيات حديثة على طرق استعمالها ,وهي مسؤولية تقع على الحكومة ,ومهمة تقع على المختبرات ,ومكاتب الدراسات الوطنية التابعة للقطاع العام بصفة خاصة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق