بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 12 أغسطس 2015

هل البرجوازية المغربية فعلا برجوازية قاصرة؟



مركزتيفاوت الإعلامي
من المعروف أن دور البرجوازية كان هو بناء اقتصاد وطني وصناعة وطنية، لكن يبدو أن البرجوازية المغربية مختلفة عن برجوازيات بلدان أخرى لأنها لم تنبثق من تدبير ورعاية المقاولات والمشاريع الصغرى والمتوسطة لتتحول إلى مقاولات كبرى تساهم في إرساء أسس اقتصاد وطني متحرر...
انبثقت البرجوازية المغربية عموما عن الإقطاع وعن الارتباط بالاستعمار، فاستفادت من امتيازات لا حدود لها، الشيء الذي جعلها تتحول إلى مجرد وسيط بين الرأسمال العالمي والسوق الوطنية.
يكاد يجمع المحللون الاقتصاديون على أن البرجوازية المغربية تطورت بفضل امتيازات وهبات وإكراميات مخزنية وأصبحت تضع يدها على أهم الإمكانيات الرأسمالية لكن دون امتلاك عقلية المقاولة والاستثمار، بل ظل هاجسها الأساسي هو استنزاف الثروات الوطنية ولو نتج عن ذلك عدم استفادة الاقتصاد الوطني ومعه أوسع فئات الشعب.
كما تورطت هذه البرجوازية في المشاركة في تحمل المسؤولية على الصعيد المحلي والإقليمي والجهوي، مما مكنها من التصرف في المال العام لخدمة مصالحها دون أن تساهم في رقي الجماعات والأقاليم عبر تحقيق تراكمات من شأنها تحسين الأوضاع المعيشية للساكنة.
وبذلك تكون قد استغلت النفوذ من خلال احتلالها مواقع المسؤولية، مما مكن سياسيين ونخب ووزراء ورجال سلطة ومسؤوليين إداريين من تكديس ثروات مهمة بفعل الفساد على حساب خدمة الصالح العام المحلي والوطني.
لقد ساهم التهريب والرشوة والفساد بدوره في الإثراء السريع وغير المشروع، حيث كانت ولازالت الرشوة سائدة في جميع مجالات الحياة، كما تم استغلال المواقع لتهريب البضائع من البلدان المجاورة أو من الصحراء (المواد المدعمة) لبيعها في المناطق الداخلية والشمالية، مما مكن المهربين من وضع اليد على ثروات هائلة اغترفوها على حساب مال الشعب وحقوقه.
واستغلت شرائح من البرجوازية في الاتجار في المخدرات لمراكمة ثروات هائلة استعملت في التحكم في جملة من دوائر صنع القرار.
وبذلك تكون الطبيعة الأساسية للبرجوازية المغربية قد ساهمت بشكل كبير في تردي الأوضاع وحرمان البلاد من عدة فرص للإقلاع، علما أن هذه الطبيعة هي من الأسباب التي لم تؤهلها لتكون برجوازية مُواطِنة.
من الطبيعي إذن، أن تتهافت هذه البرجوازية على المشاريع سريعة الربح، كفي ميدان العقار مثلا، دون الاهتمام بالصناعات الأساسية التي تركتها للشركات الأجنبية وللدولة واعتبارا لطبيعتها عملت برجوازيتنا على المساهمة وبشكل كبير، في إفساد الركح السياسي وفي مناهضة أي مسار نحو التغيير الفعلي.
خلاصة القول أن البرجوازية المغربية تعيش الآن في مأزق، إذ وجدت نفسها في آخر المطاف أسيرة تعليمات المؤسسات المالية الدولية، كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لاسيما وأنها اكتفت بلعب دور الوساطة بين الرأسمال الأجنبي والشركات العابرة للقارات والسوق الوطنية...

ليست هناك تعليقات: