بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 12 أغسطس 2015

"الطريق نحو الحداثة والديمقراطية يقتضي تعديل دستوري يقر بعلمانية الدولة"


مركزتيفاوت الإعلامي
صالح الفرياضي  نائب رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان

-         صالح الفرياضي من مواليد عام 1985 ببويزكارن،
-          أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي مادة الفلسفة،
-         ناشط بمجموعة من الإطارات الجمعوية الوطنية والمحلية،
-         حاصل على الاجازة تخصص علم الاجتماع من جامعة القاضي عياض،
-          حاصل على شهادة الماستر تخصص فلسفة التواصل في الفكر الغربي المعاصر بجامعة عبد المالك السعدي،
-         يحضر الدكتوراه الوطنية بجامعة عبد المالك السعدي  وحدة شمال المغرب وعلاقته بحضارات الحوض المتوسطي.
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------
 في حوار مع الأستاذ صالح الفرياضي القيادي بالهيئة الوطنية لحقوق الانسان أكد أن الحل الوحيد لكي لا يقع  المغرب في دوامة الصراعات الإثنية والدينية والعرقية هو الإسراع الى الاعلان عن تعديل دستوري حقيقي بعيدا عن كل الوصايات والاملائات من طرف أي كان، دستور يقر بعلمانية الدولة لأن الطريق نحو الحداثة لا يمكن أن يكون إذا بقي الدستور يقر بدين رسمي للدولة فإقرار الدين الاسلامي دينا رسميا للدولة يعني أننا نعيش في دولة دينية وليس دولة مدنية ويشكل هذا الأمر كذلك مسا بحقوق المتدينين الآخرين بالديانات الأخرى سواء كانت سماوية أو غير سماوية وكذلك بالنسبة لغير المتدينين، ويضيف أنه حان الوقت لتعلن المؤسسة الملكية عن ميلاد ملكية برلمانية حتى يتأتى للشعب محاسبة من ينتخبهم خلال الولايات الحكومية . وهذا نص الحوار :
-         كيف تابعتم في الهيئة الوطنية لحقوق الانسان واقع الحريات الفردية بالمغرب في الآونة الأخيرة ؟
إن الأحداث التي عرفها المغرب مؤخرا  توثق للوضع الحرج  الذي تعيشه الحريات الفردية بهذا البلد، فتنامي فتاوى التكفير التي تمس الحق في الحياة وتهدد الأمن والاستقرار وتبيح سفك دماء الفاعلين السياسين والحقوقيين مثل ما صرح به مؤخرا المسمى "أبو النعيم" في حق وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية والوزيرة السابقة نزهة الصقلي، وكذلك ما صرح به نفس الشخص في حق إدريس لشكر أحمد عصيد وزينب لغزيوي والرويسي وغيرهم. ولا ننسى كذلك ما وقع  لفتاتين بسوق انزكان بسبب لباسهما  وتحولهما من ضحيتين إلى متهمتين وتقديمهما للمحاكمة  والاعتداء على مثليين بالعديد من المدن خاصة بالرباط وفاس...  كل ذلك يشكل  ظواهر خطيرة يمكن أن تشعل الفتنة وتهدد الاستقرار والتماسك الاجتماعي بهذا البلد الذي ناضلت فيه  القوى التقدمية والحداثية منذ فجر الاستقلال من أجل دولة مدنية تحترم حقوق الانسان.  كل ذلك يبين أن واقع الحريات بالمغرب يتجه نحو منعطف خطير قد يهدد التعايش والاستقرار ما لم تتدخل الدولة باتخاذ اجراءات قانونية لضمان أمن المواطنين والحفاظ على السلامة البدنية للعديد من الفاعلين الحقوقيين والسياسيين حتى يمارس كل مواطن حقه في التعبير عن رأيه بكل حرية،  وتتابع قضائيا دعاة التطرف ونشر الكراهية ومستعملي العنف.
-         في اعتقادكم من يتحمل المسؤولية في تردي الوضع الحقوقي بالبلاد؟
الكل يتذكر قول رئيس الحكومة الذي باح به امام ممثلي الأمة حيث قال بالحرف : "إنّ المصابيح انطفأت في البيوت المغربية يوم خرجت المرأة إلى العمل"،  هذا التصريح المهين في حق المرأة المغربية نعتبره خطيرا من طرف ممثل الدولة  اذ يشكل تمييزا بحسب الجنس بالإضافة الى كونه يعتبر من وجهة نظر حقوق الإنسان ممارسات إيديولوجية ممنهجة، ومستعملة بشكل قصْدي لتعميق انقسام المجتمع وإرضاء التيارات المحافظة  وهو ما يشكل انتهاكا للدستور وخرْقا للقانون، وتكريسا للتمييز ومسّا بكرامة النساء والأمهات العاملات على وجه الخصوص.
ان مثل هذا الكلام وكلّ ما من شأنه أن يمسّ بالحقوق، لا يعقل أن يصدر عن شخص يمثل الدولة، وهذا ما جعلنا نتخوف على المكتسبات التي تحققت رغم محدوديتها، فتصريحات رئيس الحكومة خطيرة جدا ، باعتباره  يحتل قمة الهرم السياسي والدستوري بعد الملك، وباعتباره رئيس الحكومة ومسؤولا عن تفعيل سياسات الدولة، والخطير في الأمر  هو تمجيد هذا الكلام من طرف وزير العدل والحريات ووزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة وكذا وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية .
-         ما هي الحلول التي تقترحونها لاجتناب هذا الوضع الذي اعتبرتموه خطيرا؟
نحن نطالب بإقرار حريّة المُعتقد في الدستور كي تتعايش جميع الأطياف الدينية في المجتمع المغربي، زيادة على ضرورة الاسراع الى الاعلان عن تعديل دستوري تناط مهمة اعداده للجنة  مستقلة وليس استشارية لأن الدساتير التي عرفتها البلاد منذ 1962 الى 2011 كلها دساتير ممنوحة ، ونطالب بضرورة التنصيص على علمانية الدولة بأن لا يكون لها أي دين رسمي، وهو ما سيضمن مساواتها لكل الأديان. غير أن هذا التعديل لوحده لن يكون كافياً ، فالدولة مطالبة بتطبيق ذلك على أرض الواقع، لأن هناك العديد من الوقائع التي تبين ان الإصلاح الدستوري وحده لن يكفي اذا لم يكن هناك تنزيل حقيقي للنصوص على ارض الواقع وكمثال من الوقائع الحالية التي تناقض العديد من الفصول الدستورية القائمة نجد التضييق على العمل الصحفي وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة.
فلا مفرّ من إقرار حريّة المُعتقد كي تتعايش جميع الأطياف الدينية في المجتمع المغربي ، فالحديث عن مثل هذه المواضيع، ربما يقابله استهجان ورفض مجتمعي كبير، يتمظهر في ردود فعل غاضبة تصل حدّ المطالبة بمتابعة كل من يَدين بغيرِ الإسلام في المغرب، وهو ما تتحملّه الدولة بالأساس لأن المؤسسات لا تُربي المواطنين على تقبّل الاختلاف، فالتعليم والإعلام والتربية والقنوات الدينية الرسمية تنشر رسائل إقصائية خطيرة، وكل هذا يتم تحت رعاية الدولة التي لا تقبل بتبنّي فِكر الاختلاف، لأنها تعلم أنها أوّل المتضرّرين منه.
فلا يعقل في بلدٍ يضم أزيد من 33 مليون نسمة من ديانات مختلفة  أن يتوفر على دستور يقر باسلامية الدولة أي ان الدين الاسلامي هو الدين الرسمي للدولة المغربية. فالحل الوحيد لبناء دولة ديمقراطية وحداثية هو الاعلان عن تعديل دستوري يقر بعلمانية الدولة فأتمنى ان تستوعب الدولة جيدا هذا المطلب الشعبي الذي سيقي البلاد شر النزاعات الدينية الذي يشكل عنوان الاحداث الدائرة اليوم عالميا.

حاوره عبد الله الهنود

ليست هناك تعليقات: