مركزتيفاوت الإعلامي
متابعة عن هسبريس
طمأنةٌ لأقليَّة حداثيَّة في المغرب وتقوية في الوقت نفسه للإسلاميِّين، ذاكَ ما يبعثُ به التحكِيمُ الملكيُّ في موضوع الإجهاض منْ إشارات، بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية، بعدما استدعَى الملكُ محمد السَّادس كلًّا منْ وزير العدل والحريات، مصطفى الرمِيد، ورئيس المجلس الوطنِي لحقُوق الإنسان، ووزير الأوقاف والشؤُون الإسلامية، أحمد التوفِيق، لأمرهم بإعداد تشريعٍ في الموضُوع.
لقاءُ الملك بالمسؤُولين الثلاثة، أعقبهُ توجيه باستشارة العلماء وبرفع مقترحات قانُون حول الإجهاض، إليه، في غضُون فترة لا تتجاوزُ شهرًا من الزَّمن. بعدَما تطور النقاش في الفضاء العمومِي حول الظاهرة، وإنْ لمْ يكن دخُول الملك في المغرب، على خطِّ مسألة تثيرُ الانقسام داخل المجتمع أمرًا طارئًا، تستطردُ الصحيفَة.
الوزيرُ الأوَّل السابق، عبد الرحمن اليُوسفِي، على سبيل المثال، اضطرَّ في بدايات ألفين إلى أنْ يسحبَ مخططًا يشملُ عدَّة إصلاحاتٍ تهمُّ المرأة، بعدما لقي انتقاداتٍ كثيرة من قبل الإسلاميِّين، أبطأهُ الملك محمد السَّادس.
ولا تزالُ المدونة الإنجاز الأهم للملك محمد السَّادس، تردفُ الصحيفة، حيث جرى فيها إلغاء وصاية الأب فيها على الفتاة عند الزواج، بالنسبة إلى البالغين لثمانية عشر عامًا، فضْلًا عنْ عدم ترك الأبواب مشرعةً أمام الراغبِين في تعدد الزوجات، وقدْ صار مقيدًا بشرُوط.
ولئنْ كانت ثمَّة أمور كثيرة لا تزالُ الحاجةُ قائمةً إلى الاشتغَال عليهَا، تقول "لومُوندْ" فإنَّ المدونة التِي كانتْ إصلاحًا مجتمعيًّا، ساعدتْ في جسِّ النبض، سيما بالنظر إلى رفض مبدئي منْ لدن قوى إسلامية لما قام به الملك.
بيدَ أنَّ هجمات السَّادس عشر منْ ماي الإرهابية في البيضاء، أوجدتْ الإسلاميين في موقع الدفاع عن أنفسهم، بمنْ فيهم إسلاميِّي العدالة والتنمية، فكان لزامًا عليها أنْ يخفضُوا حدة نبرتهم الإسلاميَّة، ويلينُوا فيها، وهو ما يعنِي تراجعًا لدى شريحة حاضرة ونشطة بقوَّة.
في أكتُوبر 2003، أحَال الملكُ محمد السادس نفسهُ مشروع إصلاح المدونة إلى البرلمان، قائلا في خطاب لهُ إنَّه ملكٌ لجميع المغاربة، ولا ينحازُ إلى أيِّ فريق، وإنه يجسدُ الإرادة الجماعيَّة للأمَّ. المدونة جرى تبنِّيها بالإجمَاع. "فيما اختار إسلاميُّو العدالة والتنمية أنْ يكتمُوا تحفظاتهم لما كان عليهم المناخ بعد هجمات البيضَاء، ذاهبين إلى أنَّها تحترمُ مقتضيات الشرع".
أمَّا في موضُوع الإجهَاض، فقدْ ظلَّ الإسلاميُّون حذرِين في المغرب، بحسب لوموند، وانتظرُوا مجيء التحكِيم الملكي، ما عدَا سعد الدِّين العثمانِي، الذَى رأى إمكانيَّة لإتاحة الأمر بصورة جزئيَّة. وهُو موقفُ لا تتبناه سوى أقليَّة في داخل الحزب.
وفِي ما يبدُو مفارقة، تقُول لوموندْ إنَّ التحالف بين القصر والحداثيين في المغرب على درجة من التعقيد. فالحداثيُّون همْ من يطالبُون على المستوى السياسي بتقليص صلاحيَّات الملك، ويرغبُون في ملكٍ لا يحكم، لكنهمْ في لا يخفُون في الوقت نفسه، ارتياحهم لبذلِ الملك منْ رأسماله الرمزِي، في سبيل الدفع قدمًا ببعض القضايا المجتمعيَّة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق