بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 5 نوفمبر 2014

تهمة "الإشادة بالإرهاب" والكيل بمكيالين للانتقام من الريف



مركزتيفاوت الإعلامي
فكري الأزراق 
أطلت علينا بعض المنابر الإعلامية مؤخرا بأخبار عن اعتقال قاصرين ريفيين بإمزورن والنكور "بتهمة الإشادة بداعش" بسبب كتابتهم لعبارات إسلامية يكتبها الكثير من المغاربة في المغرب دون أن تتابعهم أجهزة الدولة بنفس التهمة، والأكثر من هذا وذاك لا تتحرك الأجهزة التي تدعي "محاربة الإرهاب" عندما يتعلق الأمر بإشادة حقيقية بالإرهاب في المغرب كما حدث مؤخرا في إحدى مباريات الرجاء البيضاوي، حيث ظل الجمهور يصيح "داعش .. داعش.."، وكما يحدث في خطابات المتطرفين الإرهابيين الذين لا يفتئوا ينشرون سمومهم الإيديولوجية عبر خطابات تحريضية على الجهاد والعنف دون أن تترتب عن ذلك أية متابعة.

فلماذا تقوم أجهزة الدولة باعتقال ومتابعة قاصرين في الريف بتهمة "الإشادة بالإرهاب" في حين أن خطابات التحريض على الإرهاب في المغرب تمشي بخيلاء أمام الدولة وأجهزتها دون أدنى حرج؟ ولماذا تحاول الدولة وأبواقها الإعلامية إظهار الريف كبؤرة للإرهاب والتطرف من خلال التركيز على الريفيين الملتحقين بتنظيم داعش، وغض الطرف في نفس الوقت عن المغاربة الملتحقين بذات التنظيم الإرهابي؟ ألا يعني هذا أن الإرهاب أصبح ورقة رابحة في يد المخزن المغربي يستعملها كلما دعت الضرورة إلى ذلك كما حدث عندما تم اتهام الصحفي علي أنوزلا بالإرهاب؟ ألا يعني كل هذا أن المخزن يقوم بتصريف أحقاده تجاه أبناء الريف عبر قناة الإرهاب التي صنعها هو نفسه، ووفر لها كل الدعم وكل آليات الاستمرارية والتوسع؟

والأخطر بين هذا وذاك هو كون التهمة موجهة في هذه الحالة لــ "قاصرين" تقع مسؤولية أفعالهم المنافية للقانون على عاتق مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي تحتضنهم، من الأسرة إلى المدرسة مرورا بالإعلام والمسجد والشارع وبعض جمعيات المجتمع المدني (تلك التي تفوح منها رائحة الإرهاب الإيديولوجي)، بيد أن القاصرين المعتقلين في النكور وإمزورن بالريف لم يقوموا إلا بالتعبير عن الأفكار التي لقنتها إياهم الدولة عبر قنواتها التربوية والإيديولوجية المختلفة، وهنا تطفوا على السطح أسئلة مقلقة حول المسؤولية القانونية الناجمة عن التعبير عن أفكار متطرفة ما دامت هذه الأفكار من إنتاج نفس المنظمومة التي تدعي اليوم محاربة الإرهاب.


فلماذا لا تتم متابعة الفقهاء الذين يملئون الدنيا صراخا من أجل "دولة الخلافة الإسلامية" وينفثون سمومهم الإيديولوجية من خلال دعواتهم "للجهاد في سبيل الله" بنفس التهمة، علما أن هذه الفئة "راشدة" وتتحمل مسؤولية تصرفاتها، ولا تخفي "الإشادة بالإرهاب"؟ ولماذا لا تتم متابعة أساتذة التربية الإسلامية، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومؤسسة إمارة المؤمنين بنفس التهمة ما دامت هذه المؤسسات تقدم كل الدعم المادي والإيديولوجي وحتى الغطاء القانوني لدعاة الإرهاب؟

إن الإرهاب والتهم المرتبطة به لا يعدوا أن يكون ورقة لعب تستعملها الدولة المخزنية كلما تعلق الأمر برغبتها في تصفية حساباتها مع أطراف معينة كما يحدث الآن في الريف حيث تحاول هذه الدولة استعمال كل أوراقها لمحاربة الريف والريفيين، وهذا يعني من ضمن ما يعنيه أن المخزن المغربي يوجد في حالة حرب مع الريف الذي يعتبره عدو مهدد لاستقراره المزعوم.

ليست هناك تعليقات: