"منذُ مصرعِ نعيمة في محطَّة الميترُو، يومَ الخميس الماضي، وشقيقُهَا ينتظرُ أنْ يجيبه مسؤولٌ من القنصليَّة العامة للمغرب بموريَال، عبر الهاتف، ليتمكنَ من أخذِ رخصَة، تخولهُ تسلمَ الجثَة، التِي أخضعتْ للتشريحْ. لكنْ دونَ جدْوَى"، هكذَا استهَلَّتْ خديجة سعِيد، المهاجرة المغربيَّة المقِيمَة في "كيبِيكْ"، إعرابهَا عنْ استياءٍ وسط مغاربَة كندَا، حيال ما اعتبرتهُ تقصيرًا غير مفهُومٍ من مصالح يفترضُ أنَّها وجدتْ لتخدمَ المهاجر المغربِي.
خديجَة أردفتْ بحنق، فِي اتصالٍ مع موقع إليكتروني، أنَّها بادرتْ وإنْ كانتْ تقطن بكيبيكْ فيمَا قضتْ الهالكة نحبها بموريال، على بعد نحوِ مائتين وخمسين كيلومترًا، أنْ تتصل بمسؤولِي القنصليَّة، لكنَ دون ردّ، كما حاولتْ أنْ تربط الاتصال بالسفارة المغربيَّة في أوتاوَا، لتمنى كذلك بالفشل، "أمَّا دار المغرب، المحدثة هنَا لأجل خدمتنَا، فكانَ جوابهَا باعثًا على الاستغراب لدي، حيثُ ما إنْ رفعتْ السماعة، حتى تمَّ تحويلِي إلى شخصيَّة تعملُ من داخل بيتها، وصراخ ابنها يبلغنِي، وهي غير قادرةٍ على أنْ تسديَ لِي خدمة توسمتُها".
المتحدثَة ذاتها، زادتْ أنَّ ما يبعثُ على الاستغراب هُو أنَّ لا رقمَ مخصصًا للمستعجلات لدى القنصليَّة أو السفارة، كما هو الشأن لدى سفارات كثيرة، تستنفر موظفيهَا متَى ما تعرضَ واحدٌ من رعاياها لمكروه، فِي حين أنَّ المواطنين المغاربة يضطرون في كل مرَّة إلى أنْ يجتمعُوا ويتعاونُوا فيما بينهُمْ لتقديم الخدمة لمواطنيهمْ.
"نحنُ لا نستكثرُ على إخواننا المغاربَة بعض المساعدة، لأنَّ معرضون جميعًا لظروف الحياة المتقلبَة، لكنْ المنطق يقتضِي أنَّ ثمَّة مصالح ديبلوماسيَّة مسخرة لمغاربة الخارج، وترصدُ لها اعتماداتٌ ماليَّة مهمَّة، كمَا أنَّ ملفَّنَا يحظَى بأولويَّة لدَى الملك، ولذَا نرى أنَّ من حقنَا إيجادُ مخاطب حينَ يحتاجُ المواطن إلى أبسط الأوراق والتوقيعات، تصورُوا أننِي بحثتُ عن رقم وزارة الجالية في النت، فلمَا اتصلت وجدت أنَّ الرقم لا يعملُ، وأنَّ لمْ يحين ربمَا منذُ مدَّةٍ طويلة". تستطرد خديجَة، التِي تقول إنَّها ستبعثُ بشكايةٍ إلى المسؤولين في المغرب، ولنْ تذرَ الأمر يمر، وإنْ لمْ يكن المصابُ مصابَها شخصيًّا.
يذكر أنَّ مهاجرة مغربيَّة في كندا، كانت تسمى قيد حياتها، نعيمة الغرويتي، علقَ حجابُها في مصعد بمحطَّة الميترُو في موريال، لتقضيَ نحبها فيما زوجها مسافرٌ إلى المغرب، للتكفل بدفنِ والدته.
المحققون اهتدَوْا أمس الجمعَة، إلى تحديد هويَّة الراحلة، وهي متزوجَة وأم لطفليْن؛ أحدهُمَا في الثامنة من عمره، والآخر في الخامسة، أوردَ مقربُون منهَا أنَّها كانتْ إنسانة اجتماعيَّة، ولطيفة، وفِي أهبَّة دائمَةٍ إلى مدِّ يد المساعدَ للآخرِين.
الفاجعة جعلتْ الزوج الذِي سافر إلى المغرب ليتكفلَ بدفن والدته، يعجل بالعودة إلى موريَال، فيمَا قال مشروع "فيلِيرايْ"، وهوَ تنظيم كان قدْ ساعد الراحلة لدَى وصولها إلى كندَا، والذِي عملتْ فيه متطوعة فيما بعد، إنَّ أعضاءهُ جمعُوا مساعداتٍ ماليَّةٍ لزوجهَا.
"لقدْ سافر زوجهَا إلى المغرب على عجل، بعدمَا علمَ أنَّ والدته فارقتْ الحياة، ولمْ يكن هنَا حينَ ماتت زوجته، كل هذَا مأساوِي"، هكذَا علقَ أحدُ أفراد الجاليَة لأحد الصحف الكنديَّة.
فِي غضون ذلك، لا زال المحققُون يخمنُون الطريقة التِي توفيت بها نعيمة، وإنْ كانُوا يرجحُون موتها مشنوقةً بسبب وشاحهَا الذِي علقَ فِي المصعد وسحبها إليه، دون أنْ تتمكن من الحركة، بينما أوردتْ صحيفة "لابرِيسْ" الكنديَّة"، نقلًا عن أقاربهَا، أنَّ سببَ الوفاة لا يزَالُ غير معلومٍ حتَّى اللحظَة.
حيث إنَّ الشرطَة وإنْ تحدثتْ عن مصرع الراحلة بسبب قطعة من ثيابها علقتْ بالمصعد، لمْ تهتدِ إلى إجابةٍ نهائيَّة، سيمَا أنَّ الفيديُو المسجل في الكامِيرا المثبتة بالمحطَة، لمْ يبنْ عمَّا يقطعُ الشك باليقِين، ولا ساعد على الجزم بفرضيَّة، فيمَا طلبَ إجراءُ تشرِيح لجثتهَا، مما قدْ يساعد على تبين السبب الحقيقي.
ولأنَّ الفرضيَّة الأرجح الأولَى تحوم حول الحجاب، حتى الآن، فقدْ صدرَ وابلٌ من التعليقات العنصريَّة في بعض المواقع الكنديَّة، وهُو ما حدَا بتجمع الكيبِيك ضد الإسلاموفوبيَا إلى إدانَة ما صدرَ إزاء موقفٍ مماثل، وفِي لحظةٍ ألِيمة، رغمَ أنَّ ثمَّة نقاشًا جاريًا حول الرموز الدينيَّة في الكيبِيك، برسم "ميثاق القيَم".
إلى ذلك، كان الحادث قدْ حصل حواليْ التاسعة والربع صباحًا، فِي محطَّة "فابسْ" بموريال، وأوضحتْ الشرطة أن الراحلة كانتْ تهمُّ بالنزول عبر المصعد إلى الرصيف، قبل أنْ يعلقَ وشاحهَا، ووجدها عناصر الوقاية في أسفل المصعد، وحاولُوا أنْ يقومُوا بإنعاشهَا، ويحضر الإسعاف، بيدَ أنَّها كانتْ قدْ فارقت الحياة.
وتأثرًا بالفصول الأليمة للحادثة، وضعَ عددٌ من مرتادِي الميترُو ورودًا بالمحطَّة، بينما قدمت شركة النقل بموريال تعازيها إلى أقارب الضحية، وقالتْ عبر الناطقة الرسميَّة باسمها، إيزابِيلْ ترومبلايْ، إنَّها تعربُ عن بالغ الأسف حيال ما حدث لنعيمة، التِي قالتْ إنهَا أول حالة وفاة في مصعد مماثل.
هسبريس ...............
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق