بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 15 فبراير 2014

المغرب دولة تَحكّميّة مركزها الملك والباقي كُومْبَارسْ

الحقوقي عبد المومني

إنْ كان دستور 2011 قد نصّ على الفصل بين السّلط، وارتقى بالسلطة القضائية، لأوّل مرة في تاريخ المغرب، إلى مرتبة سلطة مستقلّة، كما مَنح للحكومة صلاحيات واسعة، أكثر ممّا كان ممنوحا للحكومات السابقة، خلال دساتير ما قبل دستور 2011، "فإنّ الخطابَ الرسميّ وما جاء به الدستور الجديد، لم يفعّل على أرض الواقع، وما زال الملك هو الذي يقرّر في كل شيء"، حسب الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني.
ففي الندوة التي نظمها مركز السياسات بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بتعاون مع السفارة البريطانية، وبشراكة مع جريدة هسبريس الإلكترونية، صباح اليوم بمقر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالرباط، حول الحكامة الأمنية في المغرب، قال عبد المومني، إنّ المغرب، ورغم الدستور الجديد، الذي جاء بعد الحَراك الشعبي الذي عرفه المغرب، والذي انطلق مع بروز حركة 20 فبراير، لم ينتقل بعدُ من الدولة المركزية التي يسود فيها الملك ويحكم، إلى الدولة الديمقراطية التي ينبع الحكم فيها من صناديق الاقتراع، مضيفا "لا زلنا نعيش في دولة تحكّميّة مركزها الملك والباقي كومبارس".
الوضعُ الراهن، في مجال الحكامة الأمنية، دفع بعبد المومني إلى القول إنّ "البِنْيات التي كانت سائدةً في عهد نظام الحسن الثاني، وكانت الأسُس التي بنى عليها حُكمه، ما تزال قائمة في عهد نظام الملك محمد السادس"، مضيفا أنّ الدستور الجديد، يكتنفه كثير من الغموض، فيما يتعلق بالحكامة الأمنية، وحقوق الإنسان، "ففيما ينصّ الدستور على سموّ المواثيق الدوليّة الضّامنة لحقوق الإنسان، إلّا أنّه في الآن ذاته يقيّدُ سموّ هذه المواثيق بشرْط ألا تتعارض مع ثوابت الأمّة"، يقول المومني، منتقدا رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران بقوله "إنه فهم اللعبة، وقرّر اللعب في الملعب الضيّق الذي رُسم له، واقعيّا، وإن كانت الوثيقة الدستوريّة تنصّ على توسيع الاختصاصات المخوّلة لرئيس الحكومة".
انتقادات المومني لحكومة بنكيران، طالت موقف الحكومة الداعم للحفاظ على الحصانة الممنوحة للجيش، قائلا "من الحمْق أنْ تأتي الحكومة بهذا القرار الكارثي". وفي موضوع الحكامة الأمنية، في علاقتها بالجيش، قال المومني، إنّ طريقة إدارة المؤسسة العسكرية، يجب أن تكون خاضعة للنقاش العمومي، "فعندما نقرأ في وثائق ويكيليكس عن أنّ هناك اختلالات مالية في أعلى هرم الجيش، فيجب أن يكون هناك نقاش عمومي، وأن يتحرّك البرلمان لفتح تحقيق حول هذا الموضوع، وتطالب المنظمات الحقوقية بالتحقيق والتحرّي، الذي يجب أن تعقبه نتائج".
إلى ذلك، انتقد عبد المومني سياسة الدولة في مجال الإنفاق العسكري قائلا إنّ الميزانية المخصّصة له، تعادل ثلاثة أضعاف متوسط الانفاق العالمي، معتبرا أنّ ميزانية المؤسسة العسكرية "يجب أن تكون خاضعة لمراقبة البرلمان، وأن يكون هناك حوار وطني تناقش فيه جميع القضايا، التي لها علاقة بالجيش"، وزاد المومني قائلا إنّ مشكل الحكامة الأمنية لا يكْمُن في الدستور أو القانون، بل في بنية الدولة.
إلى ذلك، شدَّد عبد المومني على أنّ نزع القداسة عن الملك، في دستور 2011، يُعتبر شيئا مهمّا، غير أنّه استدرك أنّ التقدم في مجال الحكامة الأمنية سيظلّ ناقصا، وغير مكتمل، طالما أنّ الملك، وإن انتزعت عنه صفة القداسة، غير خاضع للمحاسبة، وتكون جميع الصلاحيات المخوّلة له متاحة للمحاسبة من طرف الشعب؛ "لا يمكن أن نتحدّث عن قيام دولة حقوق الإنسان، وعن الحكامة الأمنية في ظلّ نظام فيه تسلّط ملكيّ متحكّم، وطالما أنّ الملك لديه صلاحيات هائلة ومتحكّم في الأمن".
وعلى الرغم من كل "النقط السوداء" التي سجّلها عبد المومني في مداخلته، فيما يتعلق بالحكامة الأمنية، إلّا أنّه أشار إلى أنه، من الناحية العامّة، فإنّ المغرب يتمتّع بوضع آمن، وباستقرار مهمّ جدا، مقارنة مع دول أخرى، مشيرا إلى أنّ المجتمع المغربيّ قطع أشواطا كبيرة جدا في محاربة التسلّط والتحكّم، مضيفا أنّ ما هو مطلوب، فقط، هو أن "يصير المغرب بلدا عاديا".

ليست هناك تعليقات: