واشنطن – تسلّط وكالات الأنباء الأميركية الأضواء بشكل منتظم على أخبار تبلغ الأميركيين، الذين يعملون بمعدل 260 يومًا في السنة، بأن ممثليهم في الكونغرس الذين يتقاضون أجورًا جيدة سوف يجتمعون بمعدل 140 يومًا فقط في السنة، وسوف يقضون ما تبقى من أوقاتهم في عطلة - أو "في إجازة"، كما يصفها بعض الصحفيين.
كان العام 2013 واحدًا من أصعب السنوات بالنسبة لأعضاء الكونغرس المهتمين بتحسين صورهم العامة. وقد تعرض الكونغرس الـ 113، الذي لم يصدر سوى 64 قانونًا فقط، للانتقاد، ووُصف بأنه "كونغرس لا يعمل شيئًا"، وهو يعتبر رسميًا الآن الكونغرس الأقل إنتاجية في تاريخ الولايات المتحدة. ولم يساهم وقف أعمال الحكومة الأميركية في تشرين الأول/أكتوبر بشيء لتحسين شعبية الكونغرس.
استنادًا إلى استطلاع أجرته شبكة سي إن إن في 26 كانون الأول/ديسمبر، ذكرت نسبة 68 بالمئة من الأميركيين أن الكونغرس الحالي هو الأسوأ التي عرفته في حياتها، وعارضت هذا الرأي نسبة 28 بالمئة فقط.
ومع ذلك، فإن الصورة الشعبية للمشرّعين الأميركيين ككسالى استنادًا إلى جميع الأيام التي يكونون فيها خارج واشنطن العاصمة هي صورة خاطئة. ذلك أن فترات عطلة الكونغرس في الولايات المتحدة تساعد بتلبية حاجة أساسية وهي الانخراط المباشر مع الناس الذين انتخبوهم ليكونوا ممثليهم.
لا تحدث جميع الأعمال في واشنطن
عندما يكون الكونغرس في عطلة، لا يتوجه أعضاؤه الفرديون إلى الشاطئ أو إلى منتجع جبلي أو إلى ملاذ راقٍ لقضاء الوقت بالتودد إلى الأثرياء الذين يتبرعون للحملات الانتخابية.
العطلة تعني أن أعضاء الكونغرس يستطيعون العودة إلى ديارهم والتفاعل مع المواطنين في ولاياتهم أو مقاطعاتهم. يعقد العديد من أعضاء الكونغرس اجتماعات مفتوحة تتيح لأي شخص الفرصة لمواجهتهم مباشرة - أو في بعض الأحيان حتى الثناء عليهم - على أدائهم. تسمح الزيارات إلى الشركات التي تكافح من أجل بقائها وإلى الأحياء الفقيرة لأعضاء مجلس الشيوخ والنواب بإعادة تذكر الوعود التي أطلقوها خلال الحملات الانتخابية للعمل من أجل التحسين وتقديم ملخص لما حققوه من تقدم.
تساعد فترات عطلة الكونغرس أيضًا السياسيين في بناء علاقات أوثق مع الصحافة المحلية، التي لا تستطيع في كثير من الأحيان تحمل تكاليف إرسال صحفي إلى واشنطن العاصمة لتغطية أخبار الكونغرس مباشرة.
ربما لم يتوقع الآباء المؤسسون هذه النظرة السلبية إلى السنة التشريعية القصيرة. ولا ينص الدستور الأميركي على طول المدة التي ينبغي فيها على الكونغرس الاجتماع في واشنطن، وكانت الخدمة في الكونغرس إلى حد كبير عملاً بدوام جزئي لعدة عقود. وعلى مستوى الولاية، لا يجتمع العديد من المشرعين سوى لبضعة أسابيع في كل سنة.
كان المثال النموذجي الأميركي السابق للتمثيل السياسي أن يبقى عضو الكونغرس على اتصال وثيق مع أعضاء دائرته الانتخابية. ويستمر هذا الشرط الرئيسي للوظيفة حتى الآن، على الرغم من أن أعضاء الكونغرس يستطيعون الآن السفر من وإلى واشنطن خلال ساعات قليلة بالطائرة، بما يتناقض تمامًا مع الأيام أو حتى الأسابيع التي كانت تستغرقها الرحلة على ظهور الجياد أو في القطار خلال العقود الأولى من حياة البلاد.
إن الاتصال الوثيق مع أفراد الدائرة الانتخابية يتسم بأهمية خاصة بالنسبة لأعضاء مجلس النواب الأميركي، الذين ينبغي عليهم الترشح لإعادة انتخابهم كل سنتين. وقد يكون شاغل المنصب الحالي في وضع غير مؤات أبدًا إذا اضطر دائما أن يبقى دائمًا في واشنطن، بعيدًا عن الناخبين، في حين أن منافسيه يبقون على اتصال مباشر مع الناخبين ويصوّرون شاغل المنصب الحالي على أنه "بعيد عنهم."
في السياسة الأميركية، تتمثل إحدى الاستراتيجيات السياسية التي تُستخدم أحيانًا بفعالية في وصف شاغل المنصب الحالي على أنه "من أهل البيت في واشنطن" الذي يهتم بالنزاعات على السلطة في واشنطن أكثر مما يهتم بالنزاعات والهموم الجارية في مقاطعته.
هل يعني امتلاك الثقة العامة أن يصبح الشخص ملكية عامة؟
منذ تأسيس الدولة، ظلت عودة الممثلين إلى دوائرهم الانتخابية تعني الفرصة لإعادة الاندماج في الحياة التي عرفوها قبل دخولهم معترك السياسة. وتتيح لأي كان التواصل معهم في أي وقت، سواء أكان ذلك في متجر بقالة أو في السينما، لسؤالهم حول أدائهم.
وكما أبلغ الرئيس توماس جفرسون أحد الوجهاء الألمان حينما زاره في عام 1804: "عندما يتولى أميركي منصبًا فإنه يستدعي الحصول على الثقة العامة، ويجب أن يعتبر نفسه من الممتلكات العامة". وقد يوافق على ذلك معظم أعضاء الكونغرس.
في مدونة نُشرت في 10 أيلول/سبتمبر الماضي على موقعه الإلكتروني، بعنوان "آب/أغسطس ليس عطلة"، قال عضو مجلس النواب الجمهوري جون دنكان من ولاية تينيسي، "لديَّ حوالي 700 ألف مدير، وأحاول أن أصوت بالطريقة التي يريدها أفراد دائرتي الانتخابية". واختتم مدونته شارحًا بالتفصيل كيف أمضى أسابيعه خارج واشنطن، "إنني آخذ بعين الاعتبار كل فكرة وتعليق من مدرائي الكثيرين الذين إلتقيتهم خلال شهر آب/أغسطس."
وعلى الرغم من الانتقادات التي يتلقونها بسبب الأيام التي يمضونها خارج واشنطن، فإن معظم أعضاء الكونغرس يملأون أوقات عطلاتهم بالانخراط مع ناخبيهم لإقناعهم بأن جهودهم جديرة بالتقدير. وأظهر العديد من استطلاعات الرأي العام أن الأميركيين يعطون الكونغرس ككل علامات متدنية للأداء، كما أشارت هذه الاستطلاعات أيضًا إلى أن ما لا يقل عن نصف المشاركين في الاستطلاعات يقولون إن ممثليهم يقومون بعمل جيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق