يُحكى أنّ راعياً قام بذبح خروف العيد، وصفّق باقي القطيع فقال: جزاك الله خيراً أيها الراعي، فلطالما كان هذا الخروف يزعجنا. قال الراعي: والله ما ذبحته إلا من أجلكم، ومن أجل مصلحتكم العليا. قال الخروف الذي سوف يذبحه الراعي في حفلة ختان ابنه لاحقاً: أشهد أنّك عادل أيها الراعي، فمن الآن فصاعداً لم يعد ثمة ما يزعجنا.
بعد أسابيع، حان وقت خروف الختان، فذبحه الراعي، وتعالت تصفيقات باقي القطيع، وقال أحد الخراف التي لم يحن دورها بعد: حقاً أنت راعٍ عادل لا يقبل الظلم طرفة عين، وإني أشكرك أصالةً عن نفسي ونيابةً عن باقي القطيع، لأنك أرحتنا من ذلك الخروف الذي اعتدى علينا جميعاً. قال الراعي: الحمد لله الذي وفّقنا للحكم بالعدل وعدم اتباع الهوى، فوالله ما ذبحته إلا من أجل المصلحة العليا للقطيع، فشكراً أيها الخروف، ومنذ الآن جعلتك نائباً للقطيع وناطقاً رسمياً باسمه.
التفّ القطيع حول الخروف النائب وشكره على نضاله ضد خروف الختان البائد، كما شكره لأنه قال كلمة حق أمام راعٍ عادل.
بعد شهرين، قام الراعي ببيع الخروف النائب، واحتفل باقي القطيع وقال بصوت خروف واحد: ما عرفنا عنك غير العدل والمساواة والرحمة والعفو عند المقدرة، والدليل أنّك لم تذبح هذا الخروف مع أنه يستحقّ الذبح مرّتين، ولكنك اكتفيت بنفيه وإبعاده عنا، فشكراً لك ودام عدلك".
قال الراعي: والله ما بعته إلا من أجل المصلحة العليا للقطيع.
ذات يوم شرد القطيع، ووجد نفسه وجهاً لوجه مع الذئب. قال القطيع: ماذا تريد أيها الذئب؟.
أجاب الذئب: والله لا أريد إلا أن أطبّق عليكم عدالة الله وشرعه.
قال خروف شجاع: ولكنّا لسنا بحاجة إليك، فلنا راعٍ يُدير شؤوننا.
انقضّ عليه الذئب ومزّقه، فقال للباقي: هل بينكم غيره من الخراف التي تزعجكم؟.
قال القطيع بصوت خروف واحد: والله لم يبقَ ظالم بيننا سوى الراعي!.
وفي تلك اللحظة، ظهر الراعي وهرب الذئب. لمّا سمع الراعي من قطيعه تلك الخيانة، غضب وبدأ يذبح قطيعه خروفاً تلو الآخر، وكلما ذبح واحداً صفّق الباقي وشكره على عدله حتى انتهى القطيع كله، وعند ذلك عاد الذئب وشكر الراعي على عدله وكرمه قائلاً: كنت أعلم بأنّك جمعتَ الفضائل كلّها، وها أنتَ تبرهن على ذلك بأن عاقبتَ القطيع كلّه لما أبداه معي من تخاذل وسوء الضيافة.
حدّق فيه الراعي لحظةً ثم قال: والله ما ارتكبت هذه المجزرة إلا من أجلك، فهنيئاً لك.
سعيد بودبوز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق