بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 13 أبريل 2017

الصراع بين السلاجقة

L’image contient peut-être : une personne ou plus et barbe
قصص من التاريخ 

جاء في (الكامل) لابن الأثير في حوادث سنة 500هـ عن الصراع بين السلاجقة في عهد محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان وبين الباطنية: "فلما صفت السلطنة لمحمد، ولم يبق له منازع لم يكن عنده أمر أهم من قصد الباطنية وحربهم والانتصاف للمسلمين من جورهم وعسفهم، فرأى البداية بقلعة أصبهان التي بأيديهم، فخرج بنفسه فحاصرهم في سادس شعبان واجتمع له من أصبهان وسوادها لحربهم الأمم العظيمة وأحاطوا بجبل القلعة.

فلما اشتد الأمر عليهم (على الباطنية) كتبوا فتوى فيها: "ما يقول السادة الفقهاء أئمة الدين في قوم يؤمنون بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر، وأن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم حق وصدق، وإنما يخالفون في الإمام. هل يجوز للسلطان مهادنتهم وموادعتهم.، وأن يقبل طاعتهم ويحرسهم من كل أذى"، وهم بذلك يعنون أنفسهم، وهذا كذب منهم واحتيال، وهم ما سموا الباطنية إلا لإبطانهم الكفر، وهذا الأسلوب ليس غريبًا عنهم.
"فأجاب الفقهاء بجواز ذلك وتوقف بعضهم". وهذه غفلة ممن أجاز ذلك، وكيف يأخذون ظاهر الكلام ولا يعلمون من الذي كتب هذا، وما هي سيرته وتاريخه، ويظنون أن هذا من الأخذ بالظاهر، ولم يعلموا أن سيرة الزنادقة غير هذا.

"فجُمعوا للمناظرة (الفقهاء فيما بينهم) ومعهم أبو الحسن علي بن عبد الرحمن السمنجاني، وهو من شيوخ الشافعية، فقال بمحضر من الناس: يجب قتالهم ولا يجوز إقرارهم بمكانهم ولا ينفعهم التلفظ بالشهادتين، فإنهم يقال لهم: أخبرونا عن إمامكم، إذا أباح ما حظره الشرع أو حظر عليكم ما أباحه الشرع، أتقبلون أمره؟ فإنهم يقولون: نعم، وحينئذ تباح دماؤهم بالإجماع". وهذا هو الحق، وهذا هو الفهم الصحيح للنصوص، ولأغراض الإسلام ومراميه، وليس الأخذ بحرفية الكلام.

"ثم إن الباطنية سألوا السلطان أن يرسل لهم من يناظرهم، فصعدوا إليهم وناظروهم، وعادوا كما صعدوا وإنما كان قصدهم (الباطنية) التعلل والمطاولة (يقصد التأخير لعلهم ينجحون بحيلة ما)، فلجّ حينئذ السلطان في حصرهم، ثم أذعنوا إلى تسليم القلعة على أن يعطوا عوضًا عنها قلعة (خالنجان) وطلبوا من الإقامة ما يكفيهم، وقصدهم المطاولة (مرة أخرى !!)، وحاولوا قتل أحد الأمراء فعندئذ جدد الحصار عليهم، وأمر بإخراب قلعة (خالنجان)".
"ثم طلبوا أن ينزل بعضهم ويرسل السلطان معهم من يحميهم إلى قلعة الناظر (بأرجان) فأجيبوا إلى ذلك، ثم ظهر الغدر من ابن عطاش فزحف الناس مع السلطان وملكوا الموضع، وقتل أكثر الباطنية، وكانت مدة البلوى بابن عطاش اثنتي عشرة سنة "[1].
العلماء والأمراء

كان المعتمد بن عباد أعظم ملوك الأندلس من المسلمين، وكان يملك أكثر البلاد مثل قرطبة وإشبيلية، وكان يؤدي إلى (الأذفونش) ضريبة كل سنة، فلما ملك الأذفونش طليطلة لم يقبل ضريبة المعتمد وأرسل إليه يتهدده ويقول له: تنزل عن الحصون التي بيدك ويكون لك السهل، وكان رسول الأذفونش في جمع كثير كانوا خمسمائة فارس وأحضر ابن عباد الرسول وصفعه حتى خرجت عيناه وقتل كل مَن كان معه ولم يسلم منهم إلا ثلاثة نفر؛ فعادوا إلى الأذفونش فأخبروه الخبر، فبدأ بالاستعداد للقتال.

وسمع مشايخ قرطبة وفقهاؤها بما جرى ورأوا قوة الفرنج وضعف المسلمين واستعانة بعض ملوكهم بالفرنج على بعض، اجتمعوا وقالوا: هذه بلاد الأندلس قد غلب عليها الفرنج ولم يبقَ منها إلا القليل، وإن استمرت الأحوال على ما نرى عادت نصرانية كما كانت. وساروا إلى القاضي عبد الله بن محمد بن أدهم فقالوا له: ألا تنظر إلى ما فيه المسلمون من الصَّغار والذلة وعطائهم الجزية بعد أن كانوا يأخذونها، وقد رأينا رأيًا نعرضه عليك، قال: وما هو؟ ، قالوا: نكتب إلى عرب إفريقية ونبذل لهم، فإذا وصلوا إلينا قاسمناهم أموالنا، وخرجنا معهم مجاهدين في سبيل الله، فقال: المرابطون أصلح منهم وأقرب إلينا. قالوا له: فكاتبْ أمير المسلمين وارغب إليه ليعبر إلينا. وقدِم عليهم المعتمد بن عباد وهم في ذلك فعرض عليه القاضي ابن أدهم ما كانوا فيه، فقال له ابن عباد: أنت رسولي إليه في ذلك.
فسار إلى أمير المسلمين يوسف بن تاشفين فأبلغه الرسالة، وأعلمه ما فيه المسلمون من الخوف من الأذفونش. وكان أمير المسلمين بمدينة سبتة، ففى الحال أمر بعبور العسكر إلى الأندلس وأرسل إلى مَرَّاكُش في طلب مَن بقي من عساكره، فأقبلت إليه تتلو بعضها بعضًا، فلما تكاملت عنده عبر البحر وسار، فاجتمع بالمعتمد بن عباد بإشبيلية، وتسامع المسلمون بذلك فخرجوا من كل البلاد طلبًا للجهاد.

ووصلت الأخبار إلى الأذفونش فجمع فرسانه وسار من طليطلة، وكتب إلى أمير المسلمين كتابًا يغلظ له القول ويصف ما عنده من القوة والعدد، فكتب يوسف الجواب في ظهره: "الذي يكون ستراه!" وردّه إليه، فلما وقف عليه ارتاع لذلك وعلم أنه بلي برجل له عزم وحزم، ثم سار الجيشان والتقيا في مكان يقال له (الزلاقة) من بلد (بطليوس) وتصافّا.
وانتصر المسلمون وهرب الأذفونش بعد استئصال عساكره، ولم يسلم معه سوى نفر يسير، وذلك يوم الجمعة في العشر الأُول من شهر رمضان سنة 479هـ، وأصاب المعتمد جراحات في وجهه وظهرت ذلك اليوم شجاعته، وغنم المسلمون كل ما لهم من مال وسلاح وغير ذلك، ورجع الأمير يوسف إلى بلاده، والمعتمد إلى بلاده .
الصيد الثمين عند الباطنية

في قلعة (آلموت) بالقرب من بحر قزوين، كان رئيس الباطنية حسن الصباح يرسل رجاله المجرمين الذين أغواهم بفردوسه وغفرانه يرسلهم وفي يد كل واحد منهم مُدية حادة لاغتيال شخصية سنية مهمة؛ لأن أقصى أمانيه هو القضاء على أهل السنة، وقد ربى رجاله على الطاعة العمياء، فما إن يأمر بتنفيذ مهمة حتى يبادر إليها من يظن أنه يقوم بعمل صالح. وأول صيد ثمين نفذ فيه حسن الصباح إجرامه هو الوزير القدير نظام الملك الحسن بن علي وزير الملك السلجوقي ألب أرسلان، وكان من عقلاء الرجال وأفاضلهم وهو الذي تنسب إليه المدارس النظامية في بغداد، وكان على علم بأباطيل الباطنية وخطرهم على الإسلام، وقد بدأ بإعداد العدة لمهاجمتهم والقضاء عليهم، وقد قتل أحد رؤساء حلقاتهم؛ ولذلك قرروا قتله.
وهذه رواية كتبهم لعنهم الله: "نصب سيدنا (حسن الصباح) فخاخه وأحابيله لتمسك في شباك الموت الفناء قبل كل شيء بصيد ثمين مثل نظام الملك، وبهذا الصنيع أصبحت شهرته وسمعته عظيمة وقال: مَن منكم سيخلص هذه الدولة من شر نظام الملك الطوسي، فوضع رجل يدعى أبو طاهر الأراني يد القبول على صدره، وفي ليلة الجمعة في الثاني عشر من رمضان لسنة 485هـ، وفي منطقة نهاوند جاء بزي صوفي إلى نظام الملك الذي كان محمولًا من مكان العامة إلى خيمة نسائه، وضربه بسكين، ونظام الملك هو أول رجل قتله الفدائيون .. وقال سيدنا: إن مقتل هذا الشيطان هو بداية الغفران" .
كانت هذه بداية سلسلة طويلة من الإجرام الباطني طال زعماء أهل السنة من علماء وملوك، حتى إنه ما من أمير أو قائد من قواد الدولة السنية إلا وخشي على نفسه وأخذ الاحتياطيات اللازمة.
موسى بن نصير
عندما تولى موسى بن نصير أفريقية والمغرب كانت البلاد في قحط شديد، فأمر الناس بالصوم والصلاة وإصلاح ذات البين، وخرج بهم إلى الصحراء، ومعه سائر الحيوانات وفرق بينها وبين أولادها، فوقع البكاء والصراخ والضجيج وأقام على ذلك إلى منتصف النهار، ثم صلى، وخطب الناس، ولم يذكر الوليد بن عبد الملك فقيل له: ألا تدعو لأمير المؤمنين؟ فقال: هذا مقام لا يدعى فيه لغير الله عز وجل. فسقوا حتى رووا .

ليست هناك تعليقات: