بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 13 فبراير 2016

من يريد بث الفتنة بإقصاء المكون الأساسي والأصلي للهوية التونسية ؟


مركزتيفاوت الإعلامي
في مقال للسيد سليم الحكيمي '' من يريد تحريك خيوط الفتنة الأمازيغية في تونس ؟'' المنشور في الصفحة الثامنة من العدد الرابع و الثمانين من جريدة الفجر استعار الكاتب جمل وعبارات مستهلكة أصبح ترديدها الببغائي يثير الاشمئزاز والشفقة، تهما جاهزة واهية وهي : ربط كل نشاط وحراك وكل فعل يحاول مصالحة هذا الشعب مع هويته وتاريخه؛ كل تاريخه بفرنسا والمؤامرات الغربية والعمالة والخيانة إلى أخره من المحفوظات الكلاسيكية، ونسى ذابح المقال أن تاريخ الأمازيغ ـ الذين سيحتفلون بعد أقل من شهرين بحلول سنة ألفين وتسعمائة وثلاثة وستون ـ أكبر من تاريخ الدولة الفرنسية وأن أجدادهم على طول هذا التاريخ حاربوا كل أنواع الاستعمار؛ ولست هنا لأذكره ببطولاتهم ضد فرنسا وأجدادها الرومان : كالملِك ماسينيزا ويوڭورتا والقائد حانيبعل ومن بعدهم طارق بن زياد ويوسف بن تاشفين وعبد الكريم الخطابي قاهر إسبانيا وفرنسا؛ مؤسس حرب العصابات في العالم التي استفاد منها وكتب عنها بطل حرب الفيتنام هوتشي مينه، حاول الكاتب إلى الإساءة إلى بعض هذه الشخصيات من أجدادنا مما يطرح تساؤلات حول حالة الشيزوفرينيا لدى بعض مثقفينا ومدى حاجتهم إلى العلاج النفسي من مرض تبخيس واحتقار الذات .

الأمازيغ في تونس ليسوا أقلية على اعتبار أن المسلمين التونسيين كلهم أمازيغ تعرب معظمهم جزئيا؛ إذ عكس مادعاه صاحب المقال فإن هذه اللغة والثقافة حاضرة من خلال المفردات الكثيرة في الحديث اليومي ومن خلال السلوك والتقاليد والطبخ التونسي الأصيل، أما لماذا لم يكن لهذه الثقافة أي أثر قبل الثورة كما تساءل السؤال نفسه مطروح حول نشاط الإسلاميين وجريدتهم والمجتمع المدني فهل كان لهم وجود علني قبل الربيع الديمقراطي
تحامل السيد الحكيمي على المغاربة والجزائريين ووصف مطالب الأمازيغية بأنها كانت سبب في توترات اجتماعية !! وهذا بهتان كبير وافتراء مبين ؛ إذ أن الحركة في المغرب كانت وما تزال سلمية حضارية اُستجيب لمطالبها باعتراف الدستور باللغة الأمازيغية لغة رسمية للدولة؛ أما في الجزائر فالعالم أجمع شاهد على أن ظهور الإسلام السياسي ممثلا في الجبهة الإسلامية للإنقاذ والجماعة الإسلامية المسلحة والحركة الإسلامية المسلحة والجبهة الإسلامية للجهاد المسلح والجيش الإسلامي للإنقاذ وهو الجناح المسلح للجبهة الإسلامية للإنقاذ هو المسؤل ليس عن التوتر كما قال الكاتب وإنما عن المذابح التي استهدفت سكان المدن والقرى لاتميز بين ذكر أو انثى أو بين طفل رضيع أو شيخ طاعن في السن وكانت طرق القتل في غاية الوحشية وكانت اصابع الاتهام موجهة إلى الجماعة الإسلامية المسلحة التي إعترفت بنفسها عن مسؤوليتها وكان التكفير هو المبرر الذي إستعمتله الجماعة؛ فكل جزائري لا يقاتل الحكومة كان في نظرهم كافرا؛ وكثُر أمراء الجهل والقتل؛ سفكوا الدماء وأعلنوا الحرب انتهت بمقتل أكثر من مئتي ألف جزائري في مجازر مروّعة من بينهم مئات المثقفين والكتاب والفنانين ودعاة الحضارة والسلم ، في الوقت الذي استمرت فيه الحركة الأمازيغية وما تزال ـ رغم الاعتداء والقمع والتسلط ـ في نهجها الاحتجاجي السلمي الحضاري بالدعوة إلى الديمقراطية واحترام التعددية اللغوية والثقافية والسياسية وحق الإنسان الجزائري في الحرية والكرامة .

إمعانا منه في الإساءة وكيل السباب والشتائم انتقص الكاتب من بطولات الوطنيين الأمازيغيين الذين دافعوا عن حوزة وطنهم في الفترة ما قبل الإسلامية وطيلة مقاله تبنَّى مصطلح '' البربر البربرية '' المصطلح القدحي الاستعماري الذي أطلقه الرومان على شعبنا تمهيداً لاحتلاله واستعماره عوض المصطلح التاريخي : الأمازيغ الذي يُعرِّف الشعب به نفسه.

إن شعوب المغرب الكبير أو الشعب المغاربي شعب أمازيغي في معظمه والاعتراف بهذه الحقيقة تعني الاعتراف بتاريخ المنطقة وهويتها وحضارتها وبمكونَيْها الوطنيين الأمازيغي والعربي وروافدهما الدينية والثقافية وحمايتهما قانونيا بنص الدستور ؛ وهو ما سيقوي اللحمة والوحدة الوطنية وليس التهميش والإقصاء والقمع والتضليل والعداء ؛ وقد رأينا كيف انتهت الأمور ببلدان حاولت إقصاء مكون من مكوناتها اللغوية والوطنية.

أحمد أوزال ahmedawzal@yahoo.fr

ليست هناك تعليقات: