بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 15 فبراير 2016

عمر إزم بين هبة الموت وغرابة الغرباء عن تيموزغا


عمر” إزم “: بين هبة الموت وغرابة الغرباء عن ” تيموزغا”
مركزتيفاوت الإعلامي
براهيم عيناني ( آسيف ن دادس )
“…إخوتي [ الأمازيغ] إننا لسنا طارئين على هذا الرصيد الإنساني ، لسنا متسولين…لا تخشوا ثرائكم لأنكم اذا فعلتم عصفت بكم الأنواء وانقض عليكم الغرباء ، وقلبوا الأمور عليكم رأسا على عقب فأضحوا سادة وأنتم مسودين ….إنَّ أقواماً سوف يحلون، وسيمسكون روحنا فنصبح أجسادا بلا روح ….”
( حسن اوريد : ” سيرة حمار ” : ( ص 37 ، 39 و 74 )) “

This is a major point of difference, permitting such a discourse to be developed without reference to religion as institutional dogma and proposing a genealogy of thinking concerning the posibility and of the essence of the religious that doesn’t ammount to an article of faith . …..”
( John D. Caputo : ” The prayers and Tears of Jacques Derrida ,Religion without Religion ” ,P 194
مهما كانت الأسباب والملابسات وحتى الدوافع السياسية من وراء الأغتيال السياسي الذي طال شهيد القضية الامازيغية ، عمر خالق ” إزم ” ، ومهماكان استغلاله من طرف الأيادي الخفية الآثمة وخفافيش الظلام ” المُمَخزنة ” الإجرامية للتلاعب به سياسيا في اطارالطغيان الجديد للهويات السياسية العروبية – الإسلاموية وضدَّا على التلاعب السياسي الجزائري حول قضية الصحراء المغربية ( وكمحاولة للتستر على العمق التاريخي الامازيغي لهذه المنطقة )… ، فإن السر من وراء “هبة الموت “- و التي وهبها عمر ” إزم ” لقيم ” تيموزغا ” في هذه اللحظات التاريخية بالذات- ، يكتسي صيغة تاريخ قومي له صبغة ” دينية – شعبوية “( وليس تاريخا لدين منتظم حول سر سياسي ايديولوجي ) . وعكس ” السر ” الكبيرللإستبداد الأيدولوجي للأريسطوقراطية العروبية الإسلاموية ك”انشغال وجداني بالمجهول” لإبقاء الأمازيغ في “حالة تضليل “( بإستعمال تعبير سبينوزا )، او بإستغلال تفجير الأجساد كأساس غامض لتكريس وتغطية الخوف الذي به يحكمون ، ان لم نقل تعزيز الخرافات كسر لبنية الإيمان لبلوغ أهداف سياسية ، فإن سرَّ هبة الموت – كما يجسدها ” إزم ” هو “… عدم وجود اي سرٍّ ” ( بإستعمال تعابير دريدا اثناء حديثه عن ما سماه ب” دينٍ بلا دين ” … فهذه التضحية بالجسد الآمازيغي ، مثلها مثل تضحية النبي ابراهيم بالخط (lignèe ) العائلي للحفاظ على التحالف اليهودي ، إيمان علماني و” دين ” بلا عقيدة ولا شعائر يهدف ليس فقط الى إعلان نهاية مرحلة ما بعد الإيمان المفضي الى الإرهاب السياسي والجرائم ضد الإنسانية بإسم الدين بل ايضا الى استرجاع تحالف الأمازيغ وتوحيدهم من جديد بالإرتكاز على صحوة الضمير الأمازيغي و إيقاظه على الأقل اخلاقيا للحد من هذا الصراع الأمازيغي / الأمازيغي ( والمفبرك من طرف الأيدلوجية المهيمنة ) ….ان هذه الأيدولوجية العروبية -الإسلاموية ، وهي لاتعني ماهو مبني على نظرية علمية بل ما يشلل الممارسات اليومية للأمازيغ ، كانت ومازالت مرتبطة بمبدأ فلسفي – سياسي يقول بأن ” ليس هناك إبادة إثنية بدون شِعْرٍ .” (No ethnic clininsig without poetry ) : نحتاج دائماً الى خلق تصور عرقي – عنصري ومنظور شعري – ديني – أسطوري لشرعنة الجرائم ضد الأنسانية وفعل أشياء مرعبة وأهوال مفزعة . فبمثلِ التصور الديني الذي عملت به الكليانية السياسية الألمانية لإبادة الأعراق الأخرى- برسم الصليب على سيوف وبنادق الجنود الألمان من طرف هتلر – ، وفي سياق اغتيال عمر ” إزم ” ، قامت ” عدالة ” الحكومة المغربية ( الغير العادلة ) بخلق تصور شعري – خطاباتي توهم الأمازيغ بأن الرقصات النضالية – الكوسمولوجية للشهيد “إزم ” هي المسؤولة عن اصطدامها بسيوف وسكاكين الفصائل الظلامية – العروبية وعصابات البوليزاريو …ان تخليطة وصفة المكبوت الداخلي لهذه الأيدولوجية وجعلها تبدو روحانية رغم قرفها وغثيانها تجعل من جريمة الإغتيال كما لو ان الفصائل العروبية ليست هي التي تريد نسف دماء الشهيد الامازيغي بل ان حركات السيوف هي التي جعلت الجسد يصتدم بها…بتعنيف وتجريم طالب أمازيغي لا لشيءٍ الا انه تجرأ في الأفصاح عن سياسة واقتصاد الريع لصالح الطلبة الصحراويين استهزاء ذاتي يضع الأيدولوجية العروبية ، وهي تدعي التآخي والمساواة ، في أسوأ المواقف لان ما تدعوا اليه حقيقة هو زرع الشتات والتفرقة بين المواطنين . هناك هويات سياسية غير مستعدة على الإطلاق ان تتقبل اختلاف ” الأغلبية – الأقلية ” الأمازيغية في بيتها ؛ وتسامح الأمازيغ مع هذه الأقليات اللامتسامحة أصلا استنكار لمبادىء وقيم ” تيموزغا ” ؛ فكما أكد هيغل فإن ” دائرة الصفح تتسع لتشمل كل شيىء عدا الجريمة ضد الفكر، … اي ضد القدرة على المصالحة التي يتمتع بها الصفح ” . إن الصفح عما لا يقبل الصفح – بعيدا عن إرث مانديلا ، ” نعم للمصالحة ، لا للنسيان ! ” ، وكبديل او ربما كمرادف لثقافة الفيلسوف الفرنسي ادگار موران ، ” على الضحية ان يكون اكثر ذكاء وإنسانية مِِمَّن كان وراء معاناته . ” سيجعل ما تبقى من المناضلين الأمازيغ مسؤولين عن نهاية قيم ” تيموزغا ” وبما لها من ارتباط بمفاهيم التسامح ، الضيافة وهبة الموت بمفهومها الإبراهيمي ( كما ثم تفكيكهم من طرف الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا وهذا موضوع يستحق المغامرة في الوقت الراهن )….في إطار الحديث عن سياسات الذاكرة و معضلات المصالحة و التسامح وإشكاليات الصفح عن الجرائم التي ارتكبت ضد إنسانية الأنسان وكذا تلك الإرادة للإنتقال الى مجتمع الحرية والعدالة وتجاوز عهد الظلم والظلمات كتاريخ لم ينته بعد ، سنطرح مع دريدا المعضلة الآتية :” كيف يمكن التعايش بذاكرةٍ مثقلةٍ بالجروح كطرف لهذه الذاكرة وطرفه الثاني يدعو الى المحو والنسيان !؟ ” ؛ في حالة الأغتيال السياسي لعمر ” إزم ” – كشيء ” لا يقبل التقادم ” ( شبيه للمحرقة اليهودية في اقترافها لما لا يغتفر ) – ، فان الصفح كإمكانية إنسانية قد يقترن بإمكانية العقاب طبقا للقوانين ( وليس الأنتقام لأنه من شيم اخلاق العبيد ) ؛ لكن وعلى الرغم من أن ” للعقاب” – كما تقول به أطروحة حنا آرندت – ” قاسم مشترك مع الصفح يتمثل في محاولته وضع حد لشيء ” ، فان الصفح – في حالة اعتراف المجرمين بإغتيال سياسي لإزم – يجب ان يكون لا مشروطا ولا اقتصاديا إذ عكس ذالك سيعبر صفح الأمازيغ و ” تيموزغاهم ” عن مقايضة إقتصادية ستتناقض مع ، ليس فقط مع الإرث الإبراهيمي ، لكن ايضا مع هبة الموت عند ” إزم ” ، كهبة امازيغية بإمتياز يُفترض منها ان تكون بدون حساب ، بدون اقتصاد وبدون تبادل : اي ان هبة الموت لا تدخل في نظام الإلتزام الثلاثي للهبة – إعطاء ، أخد وارجاع – كما حدده مارسيل موس اثناء تناوله لنظام الهبة/ التبادل عند بعض الشعوب المالينيزية ( رواج البوتلاش او الكولا )…
إنّ لغزٓ التسامح له حدود اذ هناك ما لا يقبل التسامح او العفو وهذه معضلة أخرى يتناولها كارل بوبر في كتابه ” التسامح والمسؤولية الفكرية …” طالما ظلت هذه الأقليات اللامتسامحة تناقش وتنشر نظرياتها بإعتبارها مقترحات عقلانية، يتوجب علينا ان نتركها تفعل هذا بكل حرية. بيد ان علينا ان نلفت انتباهها الى واقع ان التسامح لا يمكنه ان يوجد إلا على أساس التبادل، وان واجبنا الذي يقتضي منا التسامح مع أقلية من الأقليات، ينتهي حين تبدأ الأقلية أعمال العنف. وهنا يطفو سؤال جديد: ترى أين ينتهي السجال العقلي وتبدأ أعمال العنف ؟” وقد يتعدر الأقرار بشروط التسامح كلما ثم ربطهم سياسيا بشروط معضلة أخرى اسمها الضيافة وما لها من ارتباط بمسألة العداوة وانقلاب الغريب الى الغرابة الغير المتوقعة … ان مفهوم الضيافة اللامشروطة ، كما يوضح دريدا، ” لا يمكن له ان يصبح بندا من بنود القانون او السياسة ” ، لكن في السياق المغربي الحالي حول قضية الصحراء ، وهذه هي المفارقة بإمتياز ، فإن الضيافة – مثل التسامح كما يبدو – هبة قدمت للجناح المتطرف من الصحراويين ليس من باب الشفقة ولكن تحت ضغوطات وصراعات سياسية : ” أدخل وكن في منزلي كما انها لك، كن ضيفي ، انت الذي لا اعرف ” . ان توسيع الضيافة لتشمل الغريب ( اي ذالك الذي لا يحترم لغتي وثقافتي الأمازيغيتين ولا يلتزم بمعايير وقيم تيموزغا …) ، رغم المفارقة الواضحة ، شرط أساسي لأستعراض سياسي وزعم – ان لم نقل بهرجة – لما هو حقوقي … اكيد ان الاخلاق بشكل عام مستحيلة بدون الضيافة والتسامح لكن مفهوم الضيافة ، كتلبية لدعوة سياسية ، وفي سياق الإغتيال السياسي لمناضل أمازيغي ، قد ” تطور ” ليعني ما سماه دريدا ب “Hosti-pitality” اي الضيافة كهبة وكتهديد في نفس الوقت حيث الضيف يتحول الى عدو محتمل او الى سيد مُكرّم ومُعزَّزالى حد طرد المضيف من بيته و تجريده من ممتلكاته والتخلص منه بالسيوف والمزابير…

( يتبع )

ليست هناك تعليقات: