مركزتيفاوت الإعلامي
الليبيون "بلا استثناء" يخافون النور ويتمتعون بدجى ليلهم الطويل اللذيذ..!
كانت ليبيا ولازالت وستظل ضحية فساد أهلها.. ضحية الفساد الذي بات يساويها ويعادلها ويمازج حقيقة وجودها وماهيتها.. الفساد المشرعن بقوانين وقرارات تحوطه وتحميه بسياسات ومثل ومبادئ مستساغة وشعبوية بفظاعة مريرة .. فساد مؤدلج متداخل مع قيم الرجولة وروائع الأنوثة ومزايا الطبقية وإكسسوارات السلطة وعمامات المتفقهين الناطقين باسم الدين والتدين, والمحشو في حقائب حراس القانون وممثليه, ذاك الفساد المبجل من الضعفاء والمشتهى من البسطاء المحبب إلي عوام الشوارع والمدلل عند سائقي الشاحنات ومزارعي الحقول وصائدي الأسماك وطلاب المدارس .. الفساد المرغوب من مهربي الأسلحة والمخدرات ومزوري الوثائق وتجار الدماء والبشرة السوداء .. ذاك الفساد الحلقي الذي يبدأ من دواوين السلطات وأحبارها وينتهي إليها بمحصوله..!
بلا ريب .. الفساد سيد الموقف في ليبيا ومحور حياتها المرغمة على اقتراف المسير إلي الهاوية...!
اتفق الليبيون جميعاً على مهادنة الفساد ومساكنته, واتفقوا على استزراعه وتطويره وتحويله إلي مهنة علية, ووسام سام وقبعة تشريفات طبقية ومبدأ أصيل لكبار المسئولين وصغار الموظفين, وأُشرعت له الأبواب وتشكلت له الهيئات والمؤسسات والمنظمات, وبات الأثير الكبير الكثير الآمر المجاب باسم السلطة أو المال أو العشيرة أو العرف أو التقليد, المبرز للتكريم والمعبر عن السطوة والإيثار والحظوة أو عن الرجولة...!
عتاة الفساد - الفاسدون المفسدون- جعلوه عضواً وجزءً أساسياً في العقول الجمعية - عقل السلطة وعقل النخبة وعقل الوظيفة وعقل المهنة وعقل العشيرة وعقل العائلة وعقل العصابة - وجعلوه عنوة من ضمن القيم الأخلاقية المشتهاة المؤدية إلي المستقبل الفاخر , والطريق الموازي للتطور والنمو والازدهار والرقي, فاجتمعت مع صفات الفساد السلبية مزايا ايجابية قلبته من شيطان إلي ملاك, وحولته من نقمة إلي نعمة, فارتفع من حضيض الأرض والمزابل إلي رؤوس السلطويون والأغنياء والوزراء والسفراء والعمداء وكل من يحتكرون نعت السادة الأفاضل..!
الليبيون "جميعاً" يعيشون مع الفساد حالة شيزوفرينيا معتقة .. يكرهونه ويشتهون وصله .. يرغبون قتله ويرتمون بأحضانه بلذة وهيام سرمديين .. !
بساطة الليبيون باركت الفساد "جعلته مباركاً" ومنحته تلقائية وعلانية مدهشتين, تصريح السلطويون العلني باقترافهم الفساد وانغماسهم فيه وممارستهم له عبر تجاوز صلاحياتهم العلني واعتدائهم على سلطات غيرهم ومهنهم, وتداخل السلطات وتراكبها وتواجد سلطويون تشريعيون في وظائف ولجان تنفيذية، وممارسة الوزراء لسلطات محلية في المجالس أو الشركات أو القطاعات, والنهب الممارس باسم الوطن والإنسانية الذي يمارسه تجار مؤسسات المجتمع المدني "المزيفون" وناشطو العمل الأهلي المحتالون ونشطاء السياسة المدلسون والمخادعون .. وكل المقامرون الذين جعلوا من حالة الوطن المنهك وحالة البسطاء الفقراء وسيلة للكسب أو الارتقاء, واستثمروا مأساة الوطن وأهله لحيازة سلطة أو جمع مال أو نيل مزايا أو سلطات أو شهرة..!
السلطوي الذي انتقل من سلطة التشريع إلي سلطة التنفيذ إلي إدارة شركة أو سفارة متهم بالفساد .. الوزير الذي مارس صلاحيات غيره أو اشرف على إدارة لجنة علاج بالخارج أو تعيين موظفين أو صرف ميزانيات متهم بالفساد.. رئيس المجلس الذي امتطى كوارث المواطنين ومارس الاحتيال في ملفات التعويض أو عطاءات المشروعات والبنى التحتية وأسرج المحسوبية وأطلقها لجمع المكاسب متهم بالفساد.. السفير الذي حول السفارة إلي قبيلة ونهش المرضى والطلبة واللاجئين الفارين من أتون جحيم الحرب إلي أتون الإهانة والابتزاز والوساطة متهم بالفساد .. القانوني المتساكن مع الجريمة متهم بالفساد .. المواطن العاكف على التذلل على أعتاب السلطة السالك للدروب المظلمة تحت الطاولات متهم بالفساد .. زعيم مؤسسة العمل المدني الزائفة الغير موثقة وغير معتمدة ومستوفية للشروط القانونية والجانحة عن السلطة المتربحة من المواطنين بدعاوى الإنسانية ومشروعات الخير والدورات وكرنفالات الدعم والتأييد والإغاثة الملوثة بالمصالح والمكاسب متهم بالفساد .. كل من يمسكون جلباب الوطن ويتمسحون بانتمائهم إليه وهم ملوثون أسخريوطيون متفجرون متهمون بالفساد وموالون له وراعون..!
الأسماء مسطرة - عين الله لا تنام - وأن تناومت ضمائر البشر ..!
"أنت" يا من .. نهبت باسم السلطة ميزانية العلاج أو عالجت أقاربك وأحبائك وأصحابك ومعارفك دوناً عن الناس فاسد وآثم وخائن .. وكذلك جنابك يا من سرقت منح الطلبة واستثمرت محنهم وغربتهم للكسب وفوضت لأهلك وأبناءك ومن يواليك وجلست في بلاد الغير متمتعاً بنعيم ثروات الوطن دوناً عن الناس فاسد وآثم وخائن .. وأنت يا من تعلم أنك تخادع الجموع وتمارس مهنة لست جديراً بها ولا تجوز لك شرعاً وقانوناً فاسد وآثم وخائن .. وأنت سعادة السلطوي عضو لجنة العلاج ومدير الشركة المتصرف في قريتك أو مدينتك بالمطلق فاسد وآثم وخائن .. وجابي الثروات باسم المعوزين واللاجئين أو الصائمين أو المتضررين أو الشهداء فاسد وآثم وخائن .. ويا من زورت وثائقك ومؤهلك العلمي ليزداد مرتبك وليأكل أهل بيتك وأولادك وبناتك الحرام طول عمرك فاسد وآثم وخائن .. وكل ما نسى الله ولذ له الخداع والاحتيال والفساد فاسد..!
لا يمكن بأي حال أن نبي دولة بالفساد .. ولا يعقل أن نورث الفساد ونعيش للفساد وبالفساد ..!
إن تحويل الوطن إلي سلعة أو تحويل المواطن إلي سلعة وحالته إلي استثمار سلطوي أو مالي جرائم لا تحمد عقباها ولا سبيل لمساكنتها, والصمت المتهادن والتلذذ بمكاسب الفساد سموم بعيدة الأثر عميقة التأثير .. وإغفال الحقيقة عادة مميتة للفرد وللشعب.. فامتهان الفساد وإكباره ومعاشرته طريق الأمم الهالكة الأفضل أن نتقيه..!
إن الفساد حياة يبتكرها الأفراد.. يتعاونون على جمهرتها وترسيخها وبهرجتها لتطيب لهم وتعم الجماعات.. فيتقنونها ويستلذون بها, ومع مرور الزمن وتعاقب الأجيال وترسخ قيم وأعراف وعادات حياة الفساد ينسون أي حياة سواها, وتضحي خيار الوجود الوحيد .. فللفساد ذاكرة مرعبة وطبائع إقصائية قاتلة..!
أئمة الفساد - الفاسدون رفعاً بالسلطة والمفسدون جراً للبسطاء- أن كنتم ترون مستقبل الوطن وشعبه في الفساد الذي تمتهنونه وتزرعون وتقتاتون منه وتعيشون به وله فثقوا أنكم إلي زوال .. وأنكم أن غفلتم وتغافلتم عن رؤية الله فإنه يراكم وما تفعلون ..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق