بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 11 يوليو 2015

الـــــحب الممــــــــنوع



نتيجة بحث الصور عن القنصلية الإمريكية بليبيا وسيمو
مركزتيفاوت الإعلامي


قضية الشاب المغربي الذي أحبّ فتاة أمريكية، فقطعت المسافات لأجل لقائه، مثيرة للاهتمام. فقد تداولتها الصحف الأمريكية، وركّز عليها الاعلام المغربي بقوة، وتداولها نشطاء الفايسبوك، حتى أنّ الموضوع يحيط بك من كلّ جانب دون أن تسعى إليه.

لكن ماذا تقول لنا تجربة "ربيكا" و"السيمو عدالة"؟ قد يرى بعض من الناس الحكاية بسيطة تمّ تضخيمها فقط، دون مبرّر، لكن عناصر كثيرة ينبغي الانتباه إليها في الموضوع.

أولا : تمثل المغربي لأمريكا باعتبارها بلاد الخلاص، على المستوى المباشر المادي، بلاد الأمل في تحقيق الرفاهية، رغم أنّ الأمر في الواقع ليس دقيقا. ثم على المستوى النفسي هناك أيضا ذلك الميل لشهوة امتلاك الأشقر، الذي يرمز في مخيال المغربي إلى ضفة النعيم، وتحتفي به الأغاني والحكايات العابرة. لم يعد الشاب المغربي مجبرا على السفر للبحث عن الشقراء في أوروبا، بل هي التي تأتي عنده، ومن أمريكا، لتتحول العملية من رحيل من المغرب إلى رحيل مختلف باتجاه معكوس، ويكون لوسائط الاتصال دور في تغيير وضعية القفّة المقلوبة، التي اكتشف المغربي نفسه تحتها طوال سنوات القرن الماضي.

إنها أيضا إشارة إلى امتلاك هذا العملاق الذي يحكم العالم ويسيّر قوته الاقتصادية.
ثانيا: تمثل الأمريكي، الآخر، للمغربي: إذ سرعان ما تداولت صحف العم سام الخبر، واعتبرت بعض الصحف الأمريكية المغرب من المناطق غير الآمنة. وهو جهل كبير، يفضح الانغلاق لدى الإعلام الأمريكي الذي لا يفهم أن المغرب بعيد عن مناطق الصراع ويبعد عن أوروبا ساعة واحدة.

والذي يعمّق الموضوع هو سلوك القنصلية التي رحّلت بنتا جاءت إلى المغرب بموافقة والديها، دون أن تخالف أي قانون، عدا الإحساس بأن الأمر يثير البلبلة والنقاش، وكان من الممكن أن تكتفي القنصلية ببلاغ بسيط تشرح فيه بساطة الموضوع، ويتم تجاوزه لكنهم تصرفوا بحذر كبير مما يجعلهم ضحايا لصورة المغربي المتداولة ضمن السياق العربي، وجعلهم يختارون الحلّ الأسهل.

أما مغاربة الفايسبوك، فقد تفاعلوا مع قضية شاب أقنع فتاة بالحضور إلى المغرب لأجله. وهناك اتجاهان لا ثالث لهما وكلاهما متحامل: اتجاه منغلق لمجموعة من الناس يركزون على البعد الديني (لماذا تحضر عنده في رمضان؟ لماذا تسكن معه أو تسافر معه دون زواج؟ لماذا ترتدي والدة الشاب الحجاب وتتحدث عن الحب الخ..) بل هناك منهم من استدعى الأحاديث والأخبار عن النار والعذاب، كالعادة، وهو اتجاه كسول يبحث عن تفسير كلّ شيء ضمن سياق ديني ضيّق يتعالى على الواقع المغربي وعلاقات الناس. واتجاه يحيّي الشاب، مع ملمح ساخر في الموضوع، لكن من زاوية واحدة ضيقة، تُصوّره شابا شاطرا، يعرف من أين تؤكل الكتف.لقد تمّ تصويره شابا مصلحيا، ذكيا، سوف يجد في النهاية فرصة لربح فيزا أمريكية. وهو اتجاه كسول أيضا، لفرقة من الانتهازيين الباحثين عن فرصة شقراء بعيدا عن بلادهم، فهم لا يرون في الأمريكية إلا جواز السفر.



الغائب في المعادلة بأكملها هو الحب، إذ لم يصدّق أحد أن الأمر يتعلق بموضوع بسيط بين شخصين، مما يفضح عدم إيمان المغاربة بالحب إلى حد بعيد، فهو مجرّد ديكور، حتى وهم يجدون لذلك مبررات دينية أو مصلحية مباشرة، كما يفضح سيادة قيم المراقبة اللصيقة، والبارانويا التي أنعشها الفراغ وقلة ما يدّار، مما يجعل الإنسان مكشوفا أمام الخلق في أبسط حركاته، ويجعل الاحتمالات المفاجئة، حيث ينتعش الإبداع، غائبة.

عدد القراء : 24 | قراء اليوم : 24

ليست هناك تعليقات: