مركزتيفاوت الإعلامي
السـيمو و ريبـكا...
وقعتْ في التاريخ قصص حب عظيمة جعلته(التاريخ) يدوّنها في سجلاته، و صارت الفتيات تتمنيّن عاشقاً زهد في الحياة مثل " روميّو"، أو فارساً يخطفها على حصان أدهم مُصفّح القوائم و يهرب بها بعيدا. في مقابل عشق الفتيات، حلُم الذكور بحبيبة تمنحهم مشاعرها الفياضة و يستلذون معها عشقاً.. قيل بأنه لذيذ.
و إذا مرت قرون على العشق العذري، حيث يمكن لأحد الطرفين أن يضحي بأي شئ ـ بما فيها حياته ـ من أجل الطرف الآخر، وصاروا شهداء الحب، بل صار لهم يوما في التقويم الميلادي كي يُذكر الأجيال المٌتعاقبة بعشاق وعاشقات خالدين بأسمائهم وأسمائهن في أرشيّف المشاعر التي لا تموت، فهي إن سطا عليها الحب المادي اليوم.. إلا أنه ينبعث بين الفينة والأخرى بقصص لعشاق ألفيّة جديدة.. ألفيّة الواتساب و الفايسبوك و تقنيات هاتف ذكي.. .
و إن أفل قمر العشق بمعناه المتملص من أي شهوة جنسية للطرف الآخر، مع حدوث حالات هنا وهناك لعاشقين انتحروا أو حاولوا الانتحار بسبب صدّ أو تمنُُع الآخر، دون أن يقف التاريخ عند أسمائهم وسُجلوا في خانة الوفيات، دون أن يكسبوا صفة شهداء عشقٍ مستحيل.
اسمه السيمو العدالة.. شاب نحيل، أسمر البشرة.. فسمرته أقرب لحبة بُنٍ إستوت. ينحدر من مدينة الدار البيضاء، خبر دروبها و أزقتها، فقادته الحياة لأن يتعرف في مواقع الدردشة على مراهقة من بلد " العم سام". شابة شقراء مُكتنزة و عيونها مالت لخضرة إسفنج المياه. لاقتهم صفحات الدردشة.. تلصص على صورها و رأت هي فيه لون الشمس التي تغيب لشهور عديدة عن مدينتها.. تحول التلصص لحديث و صارت هي تقترب من الشمس أكثر.. حكوا لبعضهم البعض كل شيء وتقاسما صوراً يوّمية لهما.. يصطبحان على بعضهما، و تحولت الدردشة لحديث يطول.. فكان لابد لأحدهما أن يضحي بسهر سويعات إضافية، مادام أن ستة ساعات من الفارق الزمني هي التي بيننا وبينهم.
حزمت ريبكا المراهقة حقيبتها و من مصروف مُحصلتها النقدية ـ ربما ـ ، استقلت طائرة و أخذت وجهتها لبلد السيمو، مُحصنة نفسها بلحظات لقائها الأول به..
السيمو تحول لبطل في عيون رواد التواصل الاجتماعي، وغبطه الكثيرون وحسدوه على ظفره بشقراء يحلمون بها. فالشقراوات هن حلم جيل اليوم.. شاهدوا بضع مواقع إباحية و أغمضوا عيونهم و تخيلوا أنفسهم مع شقراءسويدية أو أمريكية، بل حتى المنحدرات من أوربا الغربية كبولونيا و لاتيفيا، على سرير واحد و بنفس الوضعيات.
ريبكا مراهقة بالكاد تعايشت مع عادتها الشهرية، لم تطَّلِع بعد عن الفواحل من الرجال، وفي أي مجال جغرافي يتواجدون.. إنها ليست مثل أولائك العجائز أو الشبقيّات اللواتي يفدن بحثا عن شاب قادر على تلبية شهوة عجَز الغربي عن إخمادها. فحيّن كنت طالبا بالكلية٬ كان بعض الطلبة يتخصصون ـ بغض النظر عن تخصصهم الجامعي ـ في استمالة عجائز الغرب، فما إن يميّلُ المساء لارتداء برقع الظلام، حتى يتجهون لكورنيّش المدينة بحثا عن صيد لا يكتفي بمضاجعته وأخذ بضع ورقات نقدية فقط ، بل لأخذه حيث الحياة بلون الود.
قصة السيّمو وريبكا جعلت باب المُساجلة و نار التهكمات بيّن ذكور و فتيات المغرب تستعر.. فالذكور هنأوه و فتح لهم ذلك باب أملٍ في الحصول بدورهم على شقراء تجتاز المسافات بحثا عنهم، كما سخروا من المغربيات بتكبرهن و عنطزيتهن رغم قبحهن، و هاهي أمريكية كزبدة ذائبة في سطل قشدة تتواضع وتحب شاباً دون البحث في رصيده البنكي.. أو تحسس مكامن وسامته.
في المقابل تساءلت " الساطات" عن سر إعجاب هاته " المُوزَة" بهذا المغربي الذميم، و تعجبن لتركها لرجال وسيمين و بعيون زرقاء على بعد خطوات منها، بل دفع هذا السجال بإحداهن لطلب وقوع " شي ريبيك" في حبها، كي ترفع من معنويات بنات جلدتها المهزوزة.
ومهما ما قيّل عن هاذين الاثنين، إلا أنهما أبانا أن الحب بعيد عن النعرات الدينية، ولا يعترف بثنائية مسلم ـ كافرة و العكس أيضا.. يتجاوز العرق و الأرض و الحدود.. يُحطم قاعدة البعيد عن العين بعيد عن القلب..
ريبكا و السيمو تثْرٌ عريض.. أن بالحب يمكن للإنسانية أن تستمر بعيدا عن ضجيج المعتقدات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق