مركزتيفاوت الإعلامي
هشام تسمارت
لا تغرينِي مدائحهم في الشهادة ولا هيَ تصرفنِي عنْ حجم المصاب الذِي ألمَّ بك، ذاك القدر الذِي اصطفاك ببلادة، ألمعيًّا منْ خيرة منْ تعلم في مدارسنا، لتحترق على جبلٍ يمنِي، فقطْ لأنَّ الرياض وطهران تخاصمتَا. الأغبيَاء فقطْ يموتُون في الحرُوب يا ياسين، يذوُون في الحسابات الصغيرة، كيْ يعيد الكبار ترتيب الأوراق، ولا أحسبكَ كنت ذاك الغبي.
أمثالكَ الذِين يحلقُون في الأجواء، يحتاجُ آباؤهم أعمارًا من الكد والشظف والتضحيَة كيْ يصيرُوا رجالًا، ويزهرُوا كالورُود، قبل أنْ يصيرُوا مفخرةً، فيردُّوا الجمِيل، ذاكَ ما نويت، خلتها رحلةً لجلبِ ما تعينُ به أسرتك على العيش بترفٍ فتسعدها، لكنْ كانَ أنْ تواريتْ عنهم أيًّامًا قبل أنْ ينعوك.
وماذَا عن جمرة أم ياسين المتقدة، أكان عدلًا، أنْ ترعَى ابنًا منْ كيلوغرامينْ وفدَ بهما من الرحم، حتى يشتدَّ عوده، ثمَّ يسقط هكذَا بنارٍ طائشة، وفي عمليَّة زائلة، غريبًا، مضرجًا في الدماء، متفحمًا بنار الحرب الليعنة؛
أتخيلك فصل الدراسة، فيحضرنِي دفترك الموظب وعمليَّاتك الرياضيَّة المنجزة، أحسبكَ جارًا أوْ صديقًا فأتساءلَ عمَّا يجعلُ شُعلةً من النباهة التي كانتْ ستبني وطننَا، تحترقُ في أتون حربٍ، هلْ كان ضروريًّا أنْ تخوض المعركة عنهم يا ياسين.
يومَ يحضرونَ نعشك وقدْ لفُّوه بالعلم، لا تصدق ثناءهم على بسالتك، فأكثرهم بلاغةً في امتداح الشجاعة، أعجزهم عن بعث ابن له إلى ساحة وغًى، فوحدنا يا ياسين، نحن أبناء الشعب، نليقُ بالهاويَة، وإنْ حصلَ أنْ ارتفعنا عنها بجدِّنا وأحلامنَا، فلترقدْ بسلام !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق