مركزتيفاوت الإعلامي
جمعية الهوية الأمازيغية
سلوان ـ الناظور
ندوة: «الدولة والهوية بالمغرب»
نحن الفعاليات والجمعيات الأمازيغية الحاضرة والمشاركة في ندوة "الدولة والهوية بالمغرب‘"، التي نظمتها "جمعية الهوية الأمازيغية" يوم 25 أكتوبر 2014 بقاعة المركب الثقافي بالناظور،
بعد تتبعنا للعروض التي ألقيت والمناقشات التي أعقبتها، نعلن ما يلي:
ـ ظل المغرب، حتى 1912، بلدا أمازيغيا في انتمائه الهوياتي تبعا لانتمائه الجغرافي الإفريقي، وهو ما كانت تعترف به الكتابات العربية التي كانت تطلق على شمال إفريقيا عبارة "بلاد إفريقية"، التي تقر بالهوية الجغرافية للمنطقة، أو عبارة "بلاد البربر" التي تعترف بالانتماء الهوياتي لشعوب تلك المنطقة إلى نفس الهوية الجغرافية، تأكيدا للتلازم بين الانتماء الجغرافي والانتماء الهوياتي. في 1912 ستحتل فرنسا المغرب الأمازيغي، وتنشئ به دولة جديدة، باسم جديد (المغرب)، وعلم جديد، ونشيد وطني جديد، وعاصمة جديدة (الرباط)، وبهوية عربية وحكم عربي وسلطة سياسية عربية. هكذا سيصبح المغرب، على المستوى الرسمي والسياسي، بلدا عربيا ينتمي إلى مجموعة البلدان العربية، مع ما يعني هذا الانتماء الجديد، الذي هو صنع فرنسي، من انفصال بين الانتماء الجغرافي الإفريقي للمغرب وبين انتمائه الهوياتي الذي لم يعد إفريقيا بل أصبح مشرقيا.
ـ جاءت دولة الاستقلال فواصلت التعريب الذي بدأته فرنسا، والذي كان سياسيا يخص الدولة وسلطتها السياسية، ليصبح في عهد الاستقلال عاما، كليا ومطلقا، يشمل الإنسان واللسان، والماضي والحاضر، والمحيط والحياة العامة... هكذا أصبحت "عروبة" المغرب و"عروبة" دولته على الخصوص، من البديهيات التي لا تحتاج إلى نقاش ولا برهان، وهو ما تختزله عبارة "المغرب العربي" التي تطلق على شمال إفريقيا.
وقد تبنّت الحركة الأمازيغية هي أيضا هذا المفهوم العرقي الخاطئ للهوية عندما تطالب بالمساواة في الحقوق بين الأمازيغيين "الأصليين" والعرب "الوافدين"، تأكيدا منها أن بالمغرب هويتين اثنتين، نتيجة افتراض وجود عرقين اثنين، عرق أمازيغي وعرق عربي.
ـ لقد حان الوقت لتجاوز هذا التصور الخاطئ للهوية، لأنه أولا ينطلق من العرق، وثانيا لأنه يتعلق بالأشخاص والأفراد، وبناء تصور حقيقي للهوية ينطلق من الأرض وليس من العرق، ويرتبط بالشعب والأمة والدولة وليس بالأفراد والأشخاص.
ـ على الحركة الأمازيغية إذن أن ترتقي بخطابها حول الهوية من المستوى العرقي للأفراد والجماعات الإثنية و"المناطق الأمازيغية"، إلى مستوى الدولة، وذلك بمطالبتها الاعتراف بالهوية الأمازيغية، ليس كهوية للأمازيغيين، بل كهوية للدولة المغربية، حتى يكون هناك، كما كان الأمر قبل 1912، انسجام وتطابق بين هوية الدولة وهوية الأرض التي تستمد منها جميع الدول هوياتها، وليس من الأصول العرقية المختلفة، الحقيقية أو المفترضة، لسكانها.
ـ ونذكّر أن ما تعاني منه الأمازيغية، منذ 1912، هو الإقصاء السياسي، وليس الإقصاء اللغوي والثقافي الذي هو نتيجة لهذا الإقصاء السياسي، الذي جعل السلطة السياسية للدولة تمارَس باسم الانتماء "العربي"، وهو ما يعني إقصاء سياسيا للأمازيغية بعد أن لم تعد السلطة السياسية تمارَس باسم الانتماء إلى الأرض الأمازيغية الإفريقية. وعليه، فإن وضع حد لهذا الإقصاء السياسي لا يكون إلا بتمزيغ هذه السلطة السياسية، أي تمزيغ الدولة بجعل هويتها متطابقة مع هوية موطنها بشمال إفريقيا، لتصبح السلطة السياسية تمارس باسم الانتماء إلى شمال إفريقيا، أي أرض "تامازغا"، وليس باسم الانتماء العرقي إلى العروبة. وهذا هو المضمون السياسي الحقيقي للقضية الأمازيغية، المتعلق بهوية الدولة وسلطتها السياسية، وليس بسلطة سياسية يمارسها الأمازيغيون بالمفهوم العرقي، الذي يعني تغيير حكام "عرب" بحكام "أمازيغيين".
ـ إن استعادة أمازيغية المغرب، التي تحددها الأرض الأمازيغية، كهوية للدولة وللشعب تبعا لهوية الموطن، هي أولا استكمال للسيادة الهوياتية التي تم الاعتداء عليها سنة 1912، بفعل معاهدة الحماية غير الشرعية التي جعلت من الهوية المغربية هوية غير مستقلة بل تابعة للمشرق العربي. وهي ثانيا تصحيح لوضع شاذ ناتج عن التنافر بين الهوية العربية العرقية للدولة، وبين هويتها الترابية الجغرافية لموطنها بشمال إفريقيا.
ـ وإننا نؤكد أن وحدة الهوية الأمازيغية الإفريقية للمغرب والمغاربة، المستمدة من وحدة الأرض الأمازيغية الإفريقية، لا تنفي التنوع العرقي ولا التعدد الثقافي واللغوي الذي يغني هذه الهوية، كما هو حاصل لدى كل شعوب العالم التي تعرف تنوعا عرقيا وتعددا لغويا وثقافيا، ولكن في إطار وحدة الهوية والانتماء.
ـ هذا التصور الترابي للهوية، والمتعلق بالهوية الجماعية للدولة وشعبها وليس بالهوية الفردية للأفراد المشكلين لهذه الدولة وهذا الشعب، يضع حلا نهائيا للصراع الهوياتي بالمغرب، والذي يتخذ في الغالب أبعادا عنصرية بسبب منطلقاته العرقية الخاطئة. يضع حدا لهذا الصراع لأنه يقدم مفهوما وحدويا للهوية، يساوي بين جميع المغاربة في الانتماء إلى نفس الهوية التي تجد مصدرها في موطنهم المشترك بشمال إفريقيا، دون تمييز بين "أصلي" و"وافد" لأن الجميع ينتمون إلى أصل واحد هو هذا الموطن بشمال إفريقيا، بغض النظر عن الأصول العرقية، الحقيقية أو المفترضة، التي قد يدعيها هذا أو ذاك، والتي لا علاقة لها بالهوية الجماعية للدولة وللشعب المشكل لهذه الدولة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق