حميد أعضوش
تمحيص وتدقيق لثماني سنوات من الاعتقال السياسي وفي إرادة لتحطيم و محو الإنسانية وتدميرها ، وأمام التحدي والمقاومة والصمود، لكون الإنسان إرادة قبل كل شيء ، وكآلية للسرد التاريخي، للتدقيق والتوضيح والبحث ، نجد الماضي في الحاضر والمستقبل ، ومساءلة الماضي من خلال الحاضر لها قيمة اكتشافية ويسمح بإعطاء قيمة للتاريخ والتنبؤ بالمستقبل ، فإذا كان الحاضر ينير بثقله وهمومه وأشجانه ويخيف المستقبل بهواجسه ، فان الحاضر والماضي يضيء كل منهما الآخر ، وامتداد الحقل التاريخي إلى معرفة الزمن الراهن جرأة ضرورية. فمن المستحيل الاستغناء بفكر الإرث التاريخي في الدهن وعن نفس الشيء في الذات ، وبمنهج فوكو في التصور والتمثل فلا يمكن تغيير فصيلة دم الإنسان رغم إفراغ كل عروقه من الدماء وملئها بدماء جديدة . فشخصية المثقف و المفكر ميكانيكي العقل بمعنى التصور الديكارتي تكون مجرد آلة معقدة ولكنها منضبطة بقوانين ميكانيكية خالصة.
إن ما عرفته الساحة السياسية من حراك اجتماعي وللأفكار و المواقف لم تكن لتتجاوز النظام ونخبته الذي يعتمد على سياسة الاحتواء. فصاحب كتاب " سيرة حمار " ومن المكر التاريخي اللعب على الوثرين من تمثيل السلطة إلى دهاليز القصور الملكية يعود لهندسة الحقل الأمازيغي وذلك من أجل الإشراف على الفضاء الخارجي ورقابة داخلية لتفصيل المشهد الداخلي وبصورة أعم تغير الأفراد عبر التأثير والسيطرة على السلك مستخدما فرجه الصغير بمفهوم ويبر بالمعنى الإستعاري والمجازي لقياس الأحاسيس وتلمس الطريق بذاته من اجل المعرفة و التغيير تحث ذريعة تحديث الحركة الأمازيغية ،بالفعل فالقضية الأمازيغية في أمس الحاجة إلى كل من يشيد وعيه من الذات وإلى كل الأطر المثقفة ، وبالعودة الى مشيل فوكو نجد أن من بين القائمة من الأفعال التي تعبر من خلالها السلطة عن نفسها الإثارة و الاعتماد على تحريك رموز ونماذج أصلية من أجل التدبير و التحكم.
وللتاريخ فمجموعة من الأسئلة الحارقة لابد أن يجيب عليها المفكر والمثقف المغضوب عليه مظهريا ً من القصر نتيجة لكتابهً "مرآة الغرب المنكسر" لماذا التزم الصمت اتجاه التهم التي وجهتها بعض الصحف رغم سمومة أقلامها وعداءها لكل ما هو أمازيغي و التي لا يردعها الوازع المهني ولا يهزها الضمير الأخلاقي في كونه وراء الاعتقالات السياسية لسنة 2007 ، بكل من الرشيدية و امكناس بحكم و طبيعة السلطة التي يمثلها ، فكما يقول محمد أراكون بأن كل سلطة تجد نفسها في حاجة إلى تبرير شرعيتها ، فكيف له أن يبرر شرعية هدا الإعتقال السياسي ، وأنه أكثر من أي واحد يعرف خلفياتها ، ومسرحية المحاكمة السياسية التي طغت عليها الحسابات الشخصية على حساب القضية الأمازيغية فأي توضيح يقدمه لهذه الحقبة التاريخية الموشومة في ذاكرة المجتمع.
إن هذه الإتهامات تبقى عالقة في التاريخ ولكون الانتقاد لا يكون محبذا لكنه ضروري لأنه يقوم بنفس وظيفة الألم لجسم الإنسان وينبهه إلى أمر غير صحي حسب شير تشل ، فحداثة الحركة الثقافية الأمازيغية ليست وليدة اليوم والتحديث يتطلب تبني ثقافة متحررة و التي يجب أن تكون ثقافة الشعب لا الثقافة الخاصة واجتناب العلمانية وفق الموقع الحاضر الماضي للسلطة منزلق إدراكي، ذلك لكون العلمانية رفيقة الحداثة في مشروعها التاريخي وفي تفاعلاتهما وحتميتهما ،فالعلمانية تتركز في الإلحاح المستمر على حاجة الفهم والثقة داخل التوتر العام للإنسان ورغبته أن يصير كائنا حرا ومسؤولا ومستقلا . وكما قال جون بول سالتر في عبارة له "ً فمصيبته تصبح هي شجاعته" فالدعوة إلى تشكيل القاطرة للحركة الأمازيغية بدل الاعتماد على غيرها لإفشال كل التجارب لافتقارها للوعي التاريخي والذاتي إدراك متأخر بالوعي الذاتي والفكر الحديث.
مما يؤدي إلى الإسقاط للمنزلق المنهجي في المشاركة و التمثيلية الشكلية في مؤسسات صورية غير شرعية لا ترقى إلى مستوى المصداقية الدولية ، فغاية الشعب الأمازيغي هي الإرادة الجماعية كما رسم لها روسو ، وتفضيل الشخصية على مفهوم الهوية غير علمي ومنافي للصواب فالهوية تشكل الشخصية الجماعية حسب بورديو .
وللتاريخ فالحركة الثقافية الأمازيغية هي أسرة بمفهوم الدولة عند ابن خلدون، وستكون متكاملة الأطراف في شمال إفريقيا وهي اكبر قوة تغيرية تطمح إلى الدولة العلمانية وذلك من أجل إقرار الديمقراطية والحداثة المجتمعية بشكل عام وتكريسا للمبادئ والقيم الكونية .
وللتاريخ فإن اعتقالنا السياسي كان نتيجة لانتمائنا للمدرسة النضالية و السياسية الحركة الثقافية الأمازيغية ولأنه رفضنا الظلم و الاستبداد ومحاكمتنا السياسية كانت نتيجة لإيماننا بالقضية الأمازيغية كقضية عادلة ومشروعة ولأنه أمنا بجدلية التاريخ وتطوره ونضال الشعوب وتحررها...وحتى لا نكون من الجاحدين والعدميين وأخطأنا من حسن التقدير لقراءة الأحداث من خدام السلطة والنفوذ و أركان النظام ، فماذا قدمت النخبة المثقفة لملف المعتقلين ؟ وهل تتوفر على ملف كامل للاعتقال السياسي ؟ وهل تم تدويل قضية الاعتقال ؟..
عن لجنة دعم المعتقلين السياسيين للقضية الأمازيغية
مركزتيفاوت الإعلامي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق