
مركزتيفاوت الإعلامي
رسالة نصية أخيرة لمهندسة الديكور الإيرانية "ريحانة جباري" كتبتها لوالدتها قبل تنفيذ حكم الاعدام في حقها بتهمة قتل رجل استخبارات إيراني تحرش بها محاولا اغتصابها....
"أمي العزيزة، علمت اليوم أنه قد جاء دوري الآن لمواجهة الإعدام. أنا متألمة أنك لم تُعلميني بنفسك أنني قد وصلت إلى الصفحة الأخيرة من كتاب حياتي. ألا تظنين بأنني كان يجب أن أعرف؟! تعرفين كم أنا خجولة من حزنك. لماذا لم تعطيني الفرصة لتقبيل يدك ويد أبي؟
سمح العالم لي أن أعيش لمدة 19 عاماً. إلى أن جاءت تلك الليلة المشؤومة التي كان يجب أن أقتل فيها. كان سيتم إلقاء جسدي في ركن مهجور من أركان المدينة، وبعد بضعة أيام تستدعيك الشرطة للمشرحة للتعرف على جثتي، وهناك كنت ستعلمين أيضاً أنني تعرضت للاغتصاب. القاتل حتما كان سيمر بجريمته لأننا لا نمتلك ثرواتهم ونفوذهم. ومن ثم كنت ستقضين حياتك في معاناة وعار، وبعد سنوات قليلة كنت ستموتين نتيجة هذه المعاناة، وهناك سينتهي كل شيء.
رغم ذلك، ومع تلك الضربة اللعينة، تغيرت القصة. جسدي لم يُلق جانباً، ولكن في قبر سجن "إيفين" وعنابره الإنفرادية، والآن في السجن الذي يُشبه القبر في شهرراي. ولكن كما تعلمين، الموت ليس نهاية الحياة.
أنت علمتيني أنه عندما أذهب إلى المدرسة ينبغي علي أن أكون سيدة في وجه النزاعات والشكاوى. هل تذكرين كم كنت شديدةً بشأن الطريقة التي نتصرف بها؟ وكنت مُحقة. ولكن، عندما وقع هذا الحادث، تعاليمي لم تساعدني. تقديمي إلى المحكمة جعلني أبدو وكأنني قاتلة بدم بارد ومجرمة بلا رحمة. لم أذرف الدموع. لم أتسول. لم أبك في داخلي منذ كنت واثقة بالقانون.
كم هو متفائل من كان ينتظر العدالة من القضاة!! القضاء الذي لم يشكك حتى في حقيقة أن يدي ليست خشنة مثل يد ملاكم. وهذا البلد الذي زرعت حبه في داخلي، لم يكن يريدني أبداً، ولم يدعمني أحد عندما كنت تحت ضربات المحقق أبكي وأسمع أكثر المصطلحات إهانةً. وعندما نزعت عن نفسي علامة الجمال الأخيرة، وحلقت شعري، كوفئت بـ 11 يوماً في الحبس الانفرادي.
أمي العزيزة، لا تبكي على ما تسمعينه الآن. في اليوم الأول الذي قام به وكيل الشرطة بإيذائي من أجل أظافري فهمت أن الجمال ليس أمراً مرغوباً في هذا العصر. لا جمال المنظر، جمال الأفكار والرغبات، الكتابة اليدوية الجميلة، جمال العيون والرؤية، ولا حتى جمال صوتٍ جميل.
أمي العزيزة، لقد تغيرت أيديولوجيتي، أنت لست مسؤولة عن ذلك. كلماتي لا تنتهي، ورسالتي أعطيتها لأحد الأشخاص لكي يعطيها لك لكن بعد إعدامي، وتركت لك الكثير من المواد المكتوبة بخط اليد كتراث لي.
ومع ذلك، أريد شيئا منك قبل موتي، وعليك أن تقدمي لي هذا الشيء بكل قوتك وبأي شكل من الأشكال. في الواقع هذا هو الشيء الوحيد الذي أريده من هذا العالم، ومن هذا البلد ومنكم.
أمي الطيبة، أكثر شيء عزيز علي في حياتي، أنا لا أريد أن أتعفن تحت التراب. لا أريد لعينيّ أو قلبي الشاب أن يتحولوا إلى غبار. توسلي بحيث يتم ترتيب أنه، وبمجرد أن يتم شنقي، يتم أخذ قلبي والكلى والعيون والعظام وأي شيء يمكن زرعه بعيداً عن جسدي ويعطى لشخص يحتاج إليه كهدية. لا أريد أن يعرف المتلقي اسمي، أن يشتري لي باقة ورد، أو حتى يقوم بالدعاء لي.
أنا أقول لك من أعماق قلبي إنني لا أريد أن يكون لي قبر لتأتي إليه وتحزني وتعاني. أنا لا أريدك أن تقومي بارتداء الملابس السوداء علي. وابذلي قصارى جهدك لنسيان أيامي الصعبة. وامنحيني للريح لتأخذني بعيداً.
العالم لم يحبنا. والآن أنا أستسلم لذلك وأحتضن الموت. لأنه في محكمة الله سوف أقوم باتهام المفتشين، وسوف أتهم القاضي، وقضاة المحكمة العليا في البلاد الذين ضربوني عندما كنت مستيقظة، ولم يمتنعوا عن مضايقتي.
في العالم الآخر، إنه أنا وأنت من سيوجه التهم، وغيرنا هم المتهمين. دعينا نرى ما يريده الله. أنا أحبك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق