بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 17 أغسطس 2014

عيد المرأة سوق عكاظ لسياسين تونس

عدسة مجلة femmes Afrique

مركزتيفاوت الإعلامي
مها سالم الجويني
عيد بأية حال عدت عيد ، آبما مضى أم لأمر فيك تجديد

13 اغسطس عيد المرأة بتونس الذي يتحول بقدرة البروباغندا الحزبية و الدعاية الحكومية إلى مهرجان خطابي و إعلامي من الطراز الرفيع . إنه اليوم السنوي الذي يعرض فيه خطاء السوق السياسي بوطني شعاراتهم و برامجهم الداعمة للمرأة .

في أيام عيد المرأة تتنافس كل القوى السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ، من المحافظين إلى الليبيرالين حتى الإسلامين الأعداء التارخيين لموضوع “تحرر المرأة” أخذوا موقعا في هذه المناسبة و لبسوا ثوب الحداثة .

في الشارع الحبيب بورقيبة ، و على قنوات التلفزيون و الاذاعات المحلية،تفوق خطابات المتحدثين جهابذة الفكر النسوي في العالم ، إنتماءا و إيمانا بالمرأة ، أراهم يستشهدون ب بروزا لوكمسبور و قاسم أمين و طاهر حداد و السيدة خديجة و سيمون دي بوفوار و الحبيب بورقيبة … كلا حسب لونه الايديولوجي و لكن رغم إختلافاتهم الجلية فهم يلتقون في نقطيتين آلا وهي :” الاحتفاء بالمراة في 13 اغسطس و الرفع من قيمتها إلى ما فوق السماء ” أما النقطة الثانية يمكن تلخيصها في ” نسيان المرأة باقي أيام السنة” .

تغيب صاحبة هذا العيد عن مواقع القرارات السياسية و إن تمكنت من منصب فهو لا يعدو عن موقع في “وزارة المرأة ” أو ” وزارة الصحة” أو ” كاتب دولة مكلف بمهمة ما” مناصبها تدعم الصورة النمطية للمرأة و تكرس أدوارها التقليدية كالتربية و التعليم و العناية بالعائلة .

في أول حكومة ثورية بعد إنتفاضة 14 يناير 2011 كان حضور المرأة كالآتي : إمرأتان مقابل 21 وزير و 0 مقابل 9 كتاب دولة . غيابها في الحكومات رافقه غياب عن مواقع قيادية داخل الأحزاب حتى الليبيرالية منها لم نرى النساء في صدراة القيادة ، و في هذا الصدد الذكوري لا يختلف مجلس الشورى لحركة النضهة عن أعتى حزب تقدمي حداثي فكلاهما يعمل من المراة ديكور حزبي موكلا إيها مهمة المزهرية لتأثيث الجلسات الحزبية أمام كامريات التلفزيون .

قبل 13 اغسطس المجيد ، كل تغريدات نساء الوسط السياسي و الحقوقي و الجمعياتي و الاعلامي تطرح مسألة “السكيزوفرانيا النخبة التونسية ” ، اذ قيل أن المثقف التونسي يعيش الحب على ذوقه و يتزوج على ذوق أبيه ، و قيل أيضا : أن المغامرات تعاش مع الرفيقات و الزواج من الافضل ان يكون خارج الوسط ” و كٌتب أيضا عن النظرة الدونية التي تطال مناضلات اليسار التونسي من طرف بعض رفاقهن و كُتب عن التحرش الجنسي في الوسط الصحفي و عن محاولة إستغلال المرأة في اللعبة السياسية و قيل الكثير عن التشويه الأخلاقي الذي يطال بعض المدافعات عن حقوق الإنسان جراء مواقف قد لا تحلو للبعض ، مظاهر السكيزوفرنيا و السلطوية الذكورية المتخلفة غير قابلة للحصر و لا للعد.

يوم 13 اغسطس يتحول كل الرفاق و الإخوة و الزملاء إلى نزار قباني و تبدِؤ كلمات ثوري على شرق السبايا و البخور .. ثوري على شرق يراك وليمة فوق السرير ، عندما ارى و اسمع ذلك البيت يبادر ذهني هذا السؤال : عن أي شرق ؟ و عن أي بخور ؟ هل مانتعرض له اليوم مرتبط بالجغرافيا و بالروائح ؟ و ثم من يرانا وليمة ؟ اليست العقول الذكورية السلطوية الساكنة في عقلنا الباطن ؟ لماذا يذكرون ملف المرأة و يسوقون أن الخطر قادم من بلاد أخرى ، عفوا الخطر على النساء ساكن بيينا و ليس بغريب عنا .

خطبهم الغراء و شعارتهم النسوية الثورية تحاول التملص من السؤال : ” تفعيل إتفاقية سيداو في الدستور التونسي” . عبارتهم تهرب من مطلب “تفعيل المشاركة السياسية للمرأة ” . إنه 13 أغسطس يوم راحة لمن كانوا يقولون في عهر النساء و سحرهن و غبائهن و أهمية النقاش الرجالي في تحديد و تسيير الأمور ليغيروا الموضوع قليلا و ليستعدوا لفصل آخر من فصول ذكوريتهم .

و هكذا يغدوا عيد المرأة اليوم وطني لاختراع أحلى العبارات و التصريحات الجميلة و الرومنسية و الوردية و المتعهدة بالحفاظ على مكتسبات المرأة . إنه اليوم الذي تجلس فيه بعض النساء على المنصة ليستلمن التكريمات و ليستمعن للتهاني و المدح ممن قدم مهنئا لها بعيدها . حينها تعيش “هي” لحظات تتويج و تكريم سيتغل في ما بعد لحملة إنتخابية لانتخابات التشريعية القادمة .

مبروك التكريم سيدتي … و كانما كنت تقدمينه من تضحيات جميل أو خدمات يجب ان تكافئ عليها من طرف رجل يهدي لها باقة ورد قائلا : أحسنت و شكرا لك ؟

لا يا سيدي السياسي ما هكذا تُكرم الحرائر في موطني ، ففعل الثورة جزء من كينونتنا كنساء ورثنها من وشم جداتنا و حفظناه من صفحات تاريخنا .

عفوا سادتي ، نضالاتنا واجب وطني و من حقنا كنساء تونسيات ان نساهم في انهوض بوطننا و ليس على أي أحد تقييم هذا النشاط .

13 أغسطس هو ذكرى الإعلان عن مجلة الأحوال الشخصية هو إحتفاء بأول مكسب قانوني ضمن للمرأة عديد الحقوق ، أكثر من خمسين سنة مروا و العديد من الظواهر و الإنتهاكات لا يزال مسكوت عنها .

لا نريد أعيادا للخطب السياسية

اصمتوا قليلا … لنسمع وجع نساء الخضراء

إنه عيدنا و ليس بسوق عكاظ .

ليست هناك تعليقات: