تحيَّة بطعمْ الخبز الأسمر، فِي أفواهٍ لا تملكَ ثمنَ الشوكولاتة،
لطالمَا نأيتُ بنفسِي عنْ "الشوكولاتة"، لوجعٍ فِي أضراس العقل، يتأجج متَى ما وضعتها فِي فمِي، لكنْ أجدنِي اليوم مضطرًّا إلى أنْ أقربهَا، وَأكتبَ لك، عنْ ذَاكَ المذاق، الذِي باتَ مرًّا، من كثرة ما غلتهُ الصحفُ، ونأتْ الحكومة عن سخونته بإدخاله ثلاجَة "البراءة"؛
لستُ أتهمِكم، سيادة الوزِير، ولا أنَا من جحافل من يحُوكون المؤامرات نيلًا من رصيدكم المؤثل؛ لكنْ هبنِي بعضًا، من سعة الصدر، لأتساءلَ من ضفَّةٍ أخرَى، لا زلتُ أسمعُ فيها من يستغرب "هلْ ثمَّة حقًّا قطعُ شوكولاته بالملايين، وإنْ بالسنتِيمات"؟
يقول المثلُ السائر إنَّ لا دُخَان بدون نار، وفي عرفِ ما ألفناه من ساستنا بالمغرب، ما يصعدُ من دخان، هو ما علَا من عود الثقاب فقطْ، دخان كومة الحطب المتقد، قدْ يكون صرف إلى وجهةٍ أخرى؛
لا أخالك، الوزير المحترم، فِي حاجةٍ إلى تذكر قصص الاستقالات التِي أكرهَ وزراء فِي دولٍ محترمة على تقديمها، فقطْ لأنَّهمْ شربُوا كأسَ عصيرٍ على حساب الدولَة، أوْ هم استخدمُوا هاتف الخدمة، فتلكَ قصصٌ ملَّ النّاس سماعهَا، وهيَ أقربُ إلى النكتة في المغربِ منها إلى مواعظ الديمقراطيَّة والنزاهة؛
لكنْ دعنِي أتساءل، ولَوْ من باب الافتراض، على اعتبار أنَّ الحكومة التِي يتزعمُها حزبٌ اعتبر التصويت لصالحهِ فرصَة لإنهاء الفساد يخشَى تداعِي الائتلاف الهش، والوقوع في سيناريُو مماثل لما حصل مع شباط؛
هلْ كانَ طعمُ الشوكولاطة ذَا لذَّة، والقطع الثمينَة تذوبُ على اللسان، فيما 7 ملايين من أشقائنَا المغاربة، يعيشون تحت خط الفقر، وفقًا لما أوردته مؤسسة أوكسفام الدوليَّة، يسعدُون إنْ هُمْ أمَّنُوا كسرةَ خبزٍ تخرسُ أمعاءَهمْ، وتذرهُمْ واقفِين، لكنْ وقوفَ الإباء، وإنْ عدمُوا مالًا، واقفُون لأنَّ ضميرهُمْ يخلدُ إلى النوم، متمَّ النهار، لا وخزَ يؤلبه؛
قدْ يكُون كلامِي ضربًا من ضروب الشعبويَّة، كمَا قدْ يكون المشيرون إليكم بالأصابع، قومَ حاسدِين، ودُّوا لوْ أمسكُوا حقيبتكم، واقتعدُوا كرسيكمْ الوثير، لكنهم لمْ يبلغُوا ما تمنَّوْا؛
وأنتمْ تعبرُون شوارع الرباط، التِي لا محِيد لكمْ عن قطعهَا، لا أدرِي إنْ كنتم، سيادة الوزِير، لمحتُم يومًا من نوافذ سيارتكم، جحافل المتسولِين، وجياع البطون، والشيوخ المرتعشِين بردًا، بعضهمْ يجتاح القمامة بحثًا على ما يسُدُّ الرمق؛
نعلَمْ أنَّ أيامَكم صعبَة، بعد خروج الفاتورة المثيرة، لكنَّ أيَّام كثيرٍ من مغاربتنا أصعب السيد الوزير؛ المغاربة الذِين جبتْ الدولَة من عرقِ جبينهم الدرهم ونظيره، حتَّى التأمَ في خزانتهَا 33 ألف درهم بالتمام والكمال، تعادلُ، على اعتبار أنَّ من عاملات النظافة من تقبضُ 6 مائة درهم لا أكثر في الشهر، رواتب 55 عاملةً نظافة، تقضِي يقضين أيَّامهُن، بين مراحيض الوطن، لإتلاف أدراننا الخافيَة، مبلغُ يبدد في هدية بسيطة وأكواب فضَّة، يا سلام، لكأننا في قصور الخلفاء وقدْ غنمُوا الغنائم؛
بيدَ أنَّ لا حرجَ عليكم السيد الوزير، لأنَّ ما رميتمْ، به، (لا زلنَا في طور الافتراض دائمًا) طبيعيٌّ، والطمعُ من طباع الإنسان، ما لمْ يجد قضاءً يردعه، ويردهُ عند الأصلِ ماثلًا فِي تعففها عما ليسَ في ملكها؛
ولأنَّ الحزبَ الذِي يديرُ ائتلافكمْ الحكومي، يقدمُ نفسهُ ذَا مرجعيَّة إسلاميَّةٍ، وما يفتأ بنكيران يحملُ سبحةً في يده يذكرُ بها الله، أردتُ أنْ أختمَ رسالتي إليك وإلى رئيس الحكومة المحترم، أذكرهُ فيه بقصَّة أعلم أنه ذُو درايةٍ بها؛
"يحكَى أنَّ سيدة كانتْ تسمَّى المخزوميَّة، دأبتْ على جحدِ أشياء تستعيرهَا، فأمر النبي "ص" أنْ تقطع يدها، ولأنَّها كانتْ من بنِي مخزُوم؛ أشراف قبائل العرب. استعانتْ قريش بأسامة بن زيد ليتشفع لها عند الرسول "ص"، ومَا كانَ إلَّا أنْ أنكرَ عليه فعله، وقامَ يخطبُ في الناس "أيها الناس؛ إنما أهلك من كان قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله، لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت، لقطعت يدهَا".
ختامًا تقبلُوا فائقَ منى العدل؛
سلا في: الثالث من فبراير 2014
https://www.facebook.com/syphax.tassammart
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق