بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 مايو 2013

تقاسيم من أجل الاصلاح المعرفي


تقاسيم من أجل الاصلاح المعرفي
1
على مر السنين، عاشت الانسانية جمعاء صراعا طويلا ضد الخوف، كما أن السنن الكونية أثبتت أنه لا بد من الصراع بين الجديد و القديم، و بين السمع و الطاعة و الجدل وقول الرأي... ثم أنه لا بد من الصراع بين الظالم و المظلوم، و لا بد من سجان و مسجون.
ان رحلة النضال من أجل حرية التعبير والحق في الاختلاف ، كانت و لا زالت رحلة عسيرة/ رحلة عذاب مريرة... و التاريخ يشهد على معاناة قيس بن الملوح الذي أبيح دمه قي العهد الاموي، و اتهام الشاعر الكبير بشار بن برد بالزندقة و الالحاد، في العهد العباسي، من دون أن ينسى التاريخ يوم غضب صلاح الدين الايوبي على الشاعر عمارة اليمني فأمر بقتله و صلبه.
اذن، لا غرابة ان يكون أول من يكفر و اول من يدخل السجن و اول من يقتل او ينفى او تحرق كتبه و امتعته، هم المفكرون و الشعراء و الادباء و الفنانين..."لقد أراد الله للاسىلام أن يكون دينا، و ارادبه الناس ان يكون سياسة" (محمد سعيد العشماوي).
2
ان المجتمعات الحداثية التي قطعت مع عصر الظلام و الظلمات منذ قرون، وصل بها التاريخ الى نهج سياسة خاصة تتعلق بالعلم/بالبحث العلمي، بل بعض أحزابها كان لها ناطقا رسميا باسم العلم أو ما يسمى "المتحدث العلمي باسم الحزب"للدفاع عن السياسات العلمية ضد السياسات المحافظة. و ربما قد يكون الصراع الجديد الذي أصبحنا نعيشه اليوم منذ منتصف القرن الماضي بين من يهتم اهتماما واضحا و صريحا بالعلم و بين من يعتبر العلم عدوا له. اليوم، ان أي قرار سياسي يهم أي حزب، اذا لم يكن قرارا مساهما في التقدم العلمي و التكنولوجي و الفكري لن يكون الا قرارا رجعيا، و لن يكون في نهاية المطاف الا شعبويا، غير منشغل بالمستقبل و غير مؤمن بالتحولات و الطفرات التي يشهده تطور الانسانية. اننا في حاجة الى ثورة للإصلاح المعرفي... ثورة معرفية.
3
لا نريد ان يعيش شبابنا مكبلا بالخرافة، و لا نريد ان يستمر أكثر من نصف المجتمع يتوسل للسماء و يستعين بالسحر و الاضرحة. ان جيل العمالقة اليونان بفضل رشدهم و منطقهم و مناهجهم، فتحوا ابواب الاصلاح المعرفي، و بنيت منذ زمنهم طبقات من الحضارة الانسانية و أفاد منها فلاسفة عرب و مسلمون، و حصدت أوروبا كل شيء، وصارت الحضارة الاوروبية حرة طليقة، تعيش الحاضر و تبني للمستقبل.
ان المسألة ليست في من ينهب و يسلب و يستفيد من الريع و من خيرات البلاد، هذا يمكن تعويضه في أي وقت رجعت فيه الامور الى نصابها، لكن المصيبة الكبرى هو الاستبداد الذي تكرسه الخرافة و الخوف و الجهل و الايمان بالفكر الواحد و الوحيد.
العقل المغربي له كل المقومات للخروج من العقم و الضحالة... يؤمن بالحقيقة و بالتفكير النقدي... يريد ان يتعلم من الاخرين، و هو في حاجة الى اصلاح فكري...
المغربي يريد عالم أفضل كما يقول كارل بوبر...يريد ان يتحرر من خلال المعرفة... انه يبحث عن الحقيقة التي هي في نهاية المطاف "بحثا عن عالم أفضل".
4
ثمة نوع من الخدعة، خاصة حين نكون ندافع عن الخظأ. المغاربة أذكياء و متشبثين بالحياة، و لا ينتظرون من يقول لهم ان المشاكل التي يعاني منها بلدنا سببها التحولات المجتمعية الناتجة عن القيم الغربية كما كان يصرح بذلك عبد الكريم الخطيب ومن سار في طريقه. المنظور الاسلامي لا يمكن ان يرفع من اجور العمال و الفلاحين، و لا يمكن أن يحل مشكلة الديون الخارجية، و لا يمكن أن يحل مشكلة الاسكان، و لا يمكن ان يحول القطاع العام الى قطاع المردودية و الانتاجية الكبيرة، و ... هذه الاسئلة و أخرى هي التي ينتظر حلها المغاربة.
5
اللحاق بالركب العلمي لن يأتي بالوعظ و الارشاد و بالتعصب و انغلاق الذهن. فكم يقاسي العلماء في سبيل العلم خدمة للإنسانية، واستجابة لطموحاتها وتطلعاتها. إن التخلف الذي نعاني منه كما يقول محمد عابد الجابري، هو التخلف المرتبط باللاعقلانية، بالنظرة السحرية الى العالم والأشياء، لذلك فان تحقيق تنمية في الفكر العربي المعاصر يتطلب فلسفة، أي يتطلب طرحا عقلانيا لكل قضايا الفكر. فلماذا التعصب؟ إن الانسان يريد أن يكتشف خبايا العالم للسيطرة عليه و التحكم فيه، و كل تسييس للدين و استغلاله فهو يعطي للظلم عنوانا و يعطي للجشع اسما و للانتهازية لونا، ويجعل من التكفير عملا من أعمال الجهاد.
صمت العديد من المناضلين الديمقراطيين حول ما يحدث اليوم على الساحة السياسية المغربية صمت لا مبرر له، رغم الطابع المميز لهذه المرحلة والذي يكمن في اقتصاد مهلك و برجوازية فاسدة، وسيرورة تصنيعية ضعيفة، وحكومة مهترئة ومتآكلة، وحراك مجتمعي ايجابي، ينتظر استثماره في الخيار الوطني الديمقراطي للاقتصاد وفي بناء مغرب حداثي ديمقراطي لكل المغاربة.
7
و البقية تأتي...

ليست هناك تعليقات: